هل كانت مصادفة قدرية أن يصدر خطاب قبول ترشيح باراك أوباما فى ٦٢ أغسطس أى فى نفس اليوم الذى قاد فيه الزعيم الأمريكى الأسود »مارتن لوثر كينج« مظاهرته الشهيرة فى واشنطن للمطالبة بالحقوق المدنية للسود وهو اليوم الذى أطلق فيه جملته التى أصبحت مأثورة: »لدى حلم«. هل كان يتخيل أحد أن يحصل الأمريكان السود على أعلى حق مدنى، ويُقْبل ترشيح واحد منهم للرئاسة، الأمريكان أنفسهم مأخوذون بهذا التحول الكبير، ويشعرون بأن مخاضاً قوياً يفور داخل رحم تلك الدولة الفتية التى تملك خيوطاً تحرك من خلالها العالم كله. »أمريكا فى مفترق الطرق« هو اسم الكتاب الذى سوف ينفرد »كتاب اليوم« بنشره أول نوفمبر أى قبل الإنتخابات الأمريكية الرئاسية بثلاثة أيام. وهو كتاب يغوص فى اللحظة الراهنة ويعتبرها واحدة من المحطات الرئيسية التى شهدت تحولات جوهرية فى المجتمع الأمريكى. هذا ما يؤكده الكاتب الرئيسى للكتاب السفير الدكتور حمدى صالح ويشاركه الرأى والتحليل الدكتور مراد أبو سبع الأستاذ بجامعة روتجرز الأمريكية بنيوجرسى ورئيس جمعية الناخبين العرب الأمريكيين هناك، والكاتب حمدى الحسينى رئيس قسم الشئون العربية بمجلة روز اليوسف. أمريكا تتغير! هذا ما يريد المحللون الثلاثة الذين شاركوا فى هذه الدراسة القيمة أن يقولوه. والديمقراطية الأمريكية نفسها فى مرحلة تحول خطيرة. فلأول مرة يصل أمريكى من أصول مختلطة، سوداء وبيضاء إلى المرحلة الأخيرة من السباق الرئاسى. ولأول مرة أيضاً يتم اختيار امرأة هى سارة بالين للترشيح كنائبة رئيس. وهو الإختيار الذى أقدم عليه بذكاء المرشح الجمهورى چون ماكين حتى يفوز بأصوات المرأة. ماذا يعنى ذلك؟ يعنى أن نجاح أكبر تجمعين فى المجتمع الأمريكى: السود والمرأة فى الوصول إلى أعلى قمة السلطة السياسية يشكل تغييراً حاسماً وهاماً فى الحياة الأمريكية. ويجيب الكتاب عن سؤال مهم: لماذا تحظى الانتخابات الأمريكية بكل هذا الإهتمام العالمى، كما تحظى بإهتمامنا على وجه التحديد فى المنطقة العربية. يقول الدكتور حمدى صالح فى كتابه: أن أمريكا تنتج ٧٢٪ من إجمالى الإنتاج العالمى للغذاء، وهى أكبر قوة إقتصادية فى مجالات التكنولوچيا وتصديرها. كما أنها مجتمع متحرك فى الإعلام والفنون وغيرها من المنتجات الثقافية التى تترك بصماتها وتأثيرها على المجتمع العالمى ككل. وهى قوة كبرى أو أكبر قوة لها تواجد اقتصادى وسياسى وعسكرى فى مناطق متعددة من العالم، ومنها بالطبع العالم العربى.. لذلك فإن التغييرات فى أمريكا لابد وأن تكون موضع اهتمامنا وتركيزنا، ففى يدها لا تزال أوراق الكثير من القضايا العربية المعلقة: القضية الفلسطينية واحتلال العراق وأزمة دارفور وغيرها. ويقدم الكتاب دراسة وافية عن المجتمع الأمريكى ويتحدث عن الحلم الأمريكى، واسطورة الرئاسة الحديثة والمفهوم الدستوري والأزمة الاقتصادية والمالية التى يمكن أن تقلب كفة الميزان فى الإنتخابات الأمريكية القادمة. ويغوص المؤلفون فى أعماق وخلفيات شخصية المرشح الأسود باراك أوباما منذ الستينيات عندما ولد وحتى الآن وهو يتنافس على منصب الرئيس. كما يفعلون الشىء نفسه مع منافسه المخضرم چون ماكين. إنه كتاب يضــعنا فى قلـــب الواقع الأمريكى بكل تفاصيله ويحفزنا على فهم أعمق لما يجرى هناك ويؤثر علينا هنا.
