ملتقى القانونيين العرب

اهلا بك زائرنا الكريم نتشرف بوجودك
نرجو الدخول ان كنت عضواً
ونرجو التسجيل ان لم تكن عضواً واهلا بك دائما

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى القانونيين العرب

اهلا بك زائرنا الكريم نتشرف بوجودك
نرجو الدخول ان كنت عضواً
ونرجو التسجيل ان لم تكن عضواً واهلا بك دائما

ملتقى القانونيين العرب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى القانونيين العرب

منتدى ثقافى متنوع للتعارف وتبادل الخبرات بين القانونيين وغيرهم من كل العالم العربى


    استنهاض طاقة العقل

    fulyn
    fulyn
    المراقب العام
    المراقب العام


    انثى
    عدد الرسائل : 740
    الموقع : http://droit.forumsjobs.com
    البلد : استنهاض طاقة العقل Female11
    نقاط : 373
    تاريخ التسجيل : 02/08/2008

    استنهاض طاقة العقل Empty استنهاض طاقة العقل

    مُساهمة من طرف fulyn الجمعة أكتوبر 17, 2008 5:55 pm

    استنهاض طاقة العقل

    أنت على وشك القيام بمشروع، تريد إنشاء مؤسسة تجارية أو تريد القيام بجولة سياحية أو ربما تريد الإقدام على مشروع زواج، لكنك عندما ذهبت لأحد الأخصائيين تستشيره في الأمر أصابتك خيبة أمل، لقد أخبرك أن الواجب عليك أن تمتلك مبلغاً مناسباً من المال وأن تختار موقعاً مناسباً لمشروعك التجاري... أو أن تختار بلدان مناسبة لرحلة السفر... أو أن تختار زوجة ذات مواصفات مناسبة... الخ، وتركك تتوه في عالم مليء بالعموميات والكلمات المجملة مفتوحة الاحتمالات، ذلك كان الخطأ الفادح الذي ارتكبته عندما استشرت من لا يضع النقاط على الحروف، وهذه المصيبة ليست مصيبتك وحدك فكثير ممن يدلون بآرائهم هنا وهناك من كتاب ومفكرين وخطباء... وغيرهم هم هكذا مبتلون بالاختصار في غير موضع الاختصار، يقودهم إلى ذلك المطب جهلهم بضرورة التفصيل أو عجزهم عن التخطيط والدخول في صميم الموضوع الذي يريدون علاجه.

    تلك كانت الحالة الأولى عندما يترك التفصيل من يتطلب منه موقعه ذلك الدور، أما الحالة الثانية فهي حالة مأساوية يعاني منها كثير من الناس المثقفون والعوام على السواء، فعندما تفرغ كل المخططات التي في جعبتك وتلقي بها لبعض الناس، يلتقطونها ويقلبونها على الجهات الأربع فلا يرون فيها شيء يهتدون به, وبين أيديهم شعلة من نور لا يحجبه الظلام، عندها نقول ما الحل؟؟ {أ فأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون}، و تستدعي بقرينة الاختصار قوله تعالى:

    {أ فلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت}؟


    إيجاز عجيب, أين ذهبت التفاصيل؟ لماذا هذا الإيجاز؟؟ لماذا لم يذكر سبحانه دقائق التركيب والخلقة بالتفصيل (مواصفات سفينة الصحراء): أخفاف للسير في الرمال، وسنام يختزن الماء والطعام، وسيقان طويلة تبعدها عن حرارة الرمال وعنق طويل يساعدها في الوصول إلى الماء والطعام دون الحاجة للاستقرار على التربة المحرقة... إلى أخر دقائق الخلقة وعجائبها، ألم يكن إيراد ذلك ضرورة لبيان عظمة الخالق ؟؟؟.


    إن المتأمل في هذه الآية يمكنه أن يرى وجهاً من وجوه عظمة القرآن الكريم يتجلى بوضوح، حيث يورد القرآن الكريم الإيجاز في موضعه الصحيح، فإثارة دفائن العقول التي بعث من أجلها الأنبياء تتطلب توجيها وتربية تحرك العقل وتصل به إلى كماله عبر طريق هو البحث العلمي المرتكز على قاعدتين أساسيتين ربما هما ما أشارت إليه الآية الكريمة في المفردات (ينظرون إلى الإبل) و(كيف خلقت)، وهما:


    1- الملاحظة والتدوين.

    2- التحليل والتعليل والتركيب.


    وهذا ما نحتمل إشارة الآية الكريمة إليه في سبيل تفعيل دور العقل وتشجيع منهج البحث المنطقي عند الإنسان، كي لا يتحول إلى ببغاء لا يتقن سوى الثرثرة أو حامل أسفار لا يعي منها شيءً و يكابد عناء حملها بغباء، يقول تعالى عن بني إسرائيل:


    {مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين}.


    فالتفاصيل رغم دورها الحيوي في تحرك الأمة لا تغني العقول المتحجرة وعمي القلوب.


    وهنا يجدر بنا الإشارة إلى أن المطالبة بالتفاصيل في بعض الموارد، سبيل من سبل الهروب من تحمل المسؤولية كما فعل بنوا إسرائيل عندما أمروا أن يذبحوا بقرة، يقول عز من قائل:


    {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ، قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ}[البقرة:67-68].


    فقد كان كافياً لهم تنفيذ الأمر الإلهي دون البحث عن تفاصيل لم تكن مطلوبة منهم, لكنهم أرادوا أن لا يفعلوا الأمر الإلهي، لذا تجدهم ينتقلون من سوق الاتهام للقيادة إلى المطالبة بسرد الكثير من التفاصيل التي لم تكن مطلوبة أصلاً وهذا وجه من وجوه معاناة أي مصلح وهو يعالج جراح أمة مبتلاة بالجريمة والانحطاط والضياع، لذا تجد أن هؤلاء أنفسهم الذين يطالبون بالتفاصيل غير الضرورية يمكنهم أن يتحولوا إلى مجرد حملة أسفار لا يفقهون شيءً.


    فالقضية هنا وبناءً على ما سبق تنقسم إلى ثلاثة محاور:


    الأول: ضرورة الدخول في التفاصيل ووضع الخطط من قبل المصلحين الاجتماعيين وعدم الاكتفاء بسرد العموميات وهذا خطأ يقع فيه بعض الكتاب والخطباء والمصلحين الاجتماعيين.


    الثاني: الحاجة إلى الإيجاز في موارد تفعيل دور العقل للإنطلاق بطاقاته الذاتية لدراسة الواقع وملاحظته وتعليله وتركيب مفرداته بطرق إبداعية مبتكرة.


    الثالث: إدراك أن بعض مطالب الجماهير بالدخول في التفاصيل مطب زائف وجزء من لعبة إضاعة الوقت والهروب من المسؤولية.


    ويهمنا هنا الحديث حول آليات المحور الثاني في الجوانب التالية:


    - في الأسرة.

    - في المدرسة.

    - عند الخطباء والكتاب.


    في الأسرة:

    بناءً على ما سبق، يمكن أن نتساءل كيف نربي أبناءنا على التفكير بطرق علمية منطقية؟

    هل ينبغي أن نفصل لأبنائنا في كل القضايا؟ أو بسؤال أوضح هل يتوجب علينا أن نجيب على جميع أسئلة أبنائنا؟

    ربما يكون الجواب، لا.

    وربما يكون ترك بعض الأسئلة عالقاً في أذهان الأبناء يبحث عن جواب مطلب ضروري لنمو العقل الفاعل.

    وربما تكون الإجابة بطريقة الحوار وإثارة الأسئلة هي الأمثل؟


    في المدرسة:

    رغم نداءات المربين بالتحول من أسلوب التلقين إلى أسلوب الحوار والنقاش وإثارة التفكير عند التلاميذ، لازلنا بحاجة ماسة لصيغة منهجية تحث عقل التلميذ على التفكير العلمي السليم، ولعل من الآليات التي يمكن تصورها و تطبيقها ابتداءً من مراحل الصفوف العليا في المدارس الابتدائية وامتداداً عبر المرحلة المتوسطة فالثانوية وصولا إلى المرحلة الجامعية مادة البحث العلمي التي يمكن أن تكون مادة حرة من حيث اختيار موضوع البحث بالنسبة للتلميذ يشرف عليها مدرس متخصص وتستمر طوال الفصل الدراسي في صيغة مادة من مواد التقييم المستمر، يقوم خلالها الطالب بعدة مهام شاملة: التدوين وجمع المعلومات والملاحظات وتعليلها وربطها ومحاولة توظيفها ورسم الرسوم التوضيحية والبيانية وربما أيضاً جمع العينات كالحشرات أو النباتات أو صور أثرية متعلقة بمنطقة التلميذ أو موضوع بحثه ومن الممكن ربط النجاح في هذه المادة ببند التجاوز عن بعض مواد الرسوب المعمول به حالياً في مدارسنا، كل ذلك خروجاً من نمط التلقين في التعليم إلى صيغة واضحة لتفعيل دور العقل في عملية اكتساب المعرفة و معالجتها.


    عند الخطباء والكتاب:

    على الخطباء والكتاب الالتفات إلى المواضع التي يصح فيها الإيجاز والكلام بالعموميات والمواضع التي يعتبر الإيجاز فيها نقصاً و خللاً ينبغي تجاوزه.


    في سبيل النهضة الفكرية:


    من ملامح النهضة عند الغرب ازدهار حركة التدوين وفاعلية العقل في التخطيط والتحليل والتركيب والإبداع وهي في تصورنا أهم ملامح طرق التفكير العلمي والمنطقي السليم.


    وفي المقابل يبرز عندنا ضعف حركة التدوين والإحصاء وما يتبعها من تحليل وتعليل وتركيب وتنظيم.. وينعكس ذلك بالتالي على مظاهر حياتنا في المجتمعات العربية بشكل عام، فيبرز في صور مختلفة من التخبط والإخفاق في بناء مجتمع متحضر.


    لذا نجد أن من أوليات النهضة تحريك عملية التدوين لكل ما هو موجود من حولنا من خلال الملاحظة والفحص والإحصاء وهذا ما نسميه: (قراءة الذات) التي تشمل تدوين المذكرات الشخصية ودراسة مكونات البيئة والمجتمع تدويناً و إحصاءً، و تدوين الأحداث المختلفة الأسرية والاجتماعية للاستفادة منها لاحقاً عبر عملية التحليل والتفكيك والتعليل ودراسة عوامل التغيير الاجتماعي بناءً على نظرة واضحة وعلمية. ومما لا شك فيه أن (قراءة الذات) هي خطوة في خط ممتد من اللاشيء وصولاً إلى التكامل المنشود، فهي مسبوقة بمرحلة إعداد الفرد والمجتمع لقراءة مفردات الحياة المكتوبة والمجسدة، كما أنها متبوعة بخطوات عملية (تطبيقية) هي نتاج مرحلة التدوين والتحليل والتركيب، وبهذا يكون الخط التكاملي لهذا الإنسان واضحاً عندنا نوعاً ما.


    وختاماً نقول: إن سبيل النهضة يعتمد بلا شك على الملاحظة والقراءة الصحيحة للواقع المعاش. إن ما بني على الخطأ لا يمكن أن يستقيم، وما بني على الضباب لا يمكن أن يكون إلا السراب. إن كثيراً من مشاريعنا وخططنا الاجتماعية كما يبدوا هي من النوع الثاني، لذا لا بد من إعادة ترتيب الواقع بما يتناسب وقراءة الواقع بشكل صحيح لبناء مستقبل مشرق.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 12:32 am