* الحقوق العينية الأصلية :
و هي حقوق تخول صاحبها سلطة مباشرة على الشيئ تمكنه إستعماله و إستغلاله و التصرف فيه و قد يكون لصاحب الحق كل هذه السلطات أو بعضها بحسب إختلاف مضمون هذه الحق .
و تسمى الحقوق العينية بالأصلية لأن لها وجودا مستقلا فهي تقصد لذاتها و لا تقوم ضمانا لحق آخر و تشمل هذه الحقوق حق الملكية و الحقوق المتفرعة عنه .
* الحقوق العينية التنعية :
فهي أيضا حقوق تخول للشخص سلطة مباشرة على شيئ معين بالذات و لكنها لا تقوم مستقلة بذاتها بل أنها تستند إلى حق شخصي و تقوم ضمانا للوفاء به ثم إنها من جهة أخرى لا تخول صاحبها سلطة إستعمال الشيئ او إستغلاله أو التصرف فيه كما هو الشأن بالنسبة للحقوق العينية الأصلية و لكنها توجد ضمانا لحق شخصي.
و تخول صاحبها إستيفاء حقه من ثمن الشيئ الذي يرتب عليه الحق العيني متقدما في ذلك على غيره من الدائنين كما أنها تخول لصاحبها حق تتبع الشيئ إذا ما إنتقل ملكية المدين إلى ملكية غيره .
الحقوق العينية الاصلية
تنقسم الحقوق العينية الأصلية إلى حق الملكية و الحقوق المتجزئة عن الملكية .
أولا : حق الملكية
يعتبر حق الملكية أوسع الحقوق من حيث السلطات التي يمنحها للمالك إذ أنه يخول لصاحبه سلطة كاملة على الشيئ و يتميز بأنه حق جامع و مانع و دائم و لا يسقط بعدم الإستعمال .
أ - حق جامع : إذ يخول لصاحبه جميع المزايا التي يمكن الحصول عليها من الشيئ و للمالك أن يستعمل الشيئ و يستغله أو يتصرف فيه على النحو الذي يريده .
و السلطات التي يخولها حق الملكية هي حق الإستعمال ، الإستغلال ، و التصرف .
1 - الإستعمال : و يكون بالإفادة من الشيئ مباشرة و الحصول على ما يمكن أن يؤديه من خدمات فيما عدا الثمار . و دون أن يمس هذا بجوهره و بهذا يفرق الإستعمال عن الإستغلال و عن التصرف . فإذا كان الشيئ
منزلا كان إستعماله سكنا وإذا كان أرضا فإن إستعمالها يتحقق بزراعتها .
2 - الإسغلال : يكون بالإفادة من الشيئ بطريق غير مباشرة و ذلك بالحصول على ثماره و الثمار هي ما يتولد عن الشيئ دروبا من فوائدها و منافع في مواعيد دورية دون المساس بجوهره ، هذه الثمار قد تتولد بفعل الطبيعة مثل نتاج الحيوان و قد تتولد بفعل الإنسان مثل المزروعات . و النوع الأول يسمى ثمار طبيعة والنوع الثاني يسمى ثمار مستحدثة أو صناعية نظرا لتدخل الإنسان في إستخدامها و إستخراجها . م إلى جانب ذلك هناك ثمار مدنية أو قانونية و هي عبارة ريع الشيئ و ما بلغه من دخل نقدي في مقابل الإنتفاع به و ذلك كالأجرة التي يحصل عليها المالك من تأجيره لملكه و فوائد السندات و أرباح الأسهم و إستخدام دار للسكن هو إستعمال لها أما تأجيرها فهو إستغلال لها .
3 - التصرف : و معناه إستخدام الشيئ إستخداما يستنفده كلا أو بعضا و هو إما تصرف مادي و يكون ذلك بالقضاء على مادة الشيئ عن طريق إستهلاكه أو إتلافه أو تغيير شكله و تحويله تحويلا نهائيا لا رجوع فيه وإما تصرف قانوني و يكون ذلك بنقل سلطات المالك كلها أو بعضها إلى الغير سواء أكان بمقابل كالبيع
و الرهن و الهبة .
هذه العناصر الثلاثة التي يخولها حق الملكية للمالك و إذا ما إجتمعت هذه العناصر في يد شخص واحد قيل أن له الملكية التامة .
و لكن قد لا تجتمع في شخص واحد فتتجزأ الملكية إلا أنه ينبغي أن يراعي أن العنصر الثالث و هو التصرف هو العنصر الذي يميز حق الملكية عن غيره من الحقوق العينية الأصلية و لهذا فإنه يظل دائما في يد الملك . أما الإستعمال و الإستغلال فيجوز ثبوتهما لغير المالك و في هذه الحالة تتجزأ الملكية .
قد يتنازل المالك عن حق الإستعمال و حق الإستغلال لشخص آخر و يبقى لنفسه حق التصرف و يعتبر الشخص الذي تنازل إليه المالك في هذه الحالة صاحب حق إنتفاع أما من بقي له حق التصرف فيقال له مالك الرقبة .
ب - حق مانع : حق الملكية ح قمقصور على صاحبه و يمكنه من الإستئثار في مزايا ملكه و يكون مقيدا في ذلك بما يكون للغير من حق في التمتع ببعض المزايا بموجب الإتفاق أو القانون فقد يخول المالك شخصا آخر حق الإنتفاع بالشيئ و يترتب له عليه حق الإرتفاق كما أن هناك حالات يجيز فيها القانون للغير إستعمال الشيئ و منها مثل الملاك المجاورين حق إستعمال المصرف فيما تحتاجه أراضيهم لريها و كذلك إذا كانت الأرض محبوسة عن الطريق العام أ, لا يصلها به ممر كاف فلصاحبها حق المرور على الأرض المجاورة بالقدر اللازم لإستغلال أرضه و إستعمالها على الوجه المألوف .
و يجب على المالك الإمتناع عن التدخل في ملكه متى كان ذلك مضرا بالغير و إلا اعتبر متعسفا في إستعمال حقه كالمالك الذي يقوم ببناء حائط يحجب به النور على الجار .
ج - حق دائم :حق الملكية يدوم الشيئ أي يبقى دائما بدوام في ملك صاحبه بينما الحقوق الأخرى ليست لها صفة الدوام .
فحق الملكية لا ينقضي و لكنه ينتقل بالميراث أو بالوصية و قد يحتم القانون التوقيت لبعض الحقوق فحق الإنتفاع ينتهي حتما بموت المنتفع أو ينقضي بإنقضاء أجله قبل الوفاة و حق الإرتفاق قد يحدد بمدة معينة كما ينقضي أيضا بأسباب معينة كعدم الإستعمال مثلا . و حق الإستعمال و السكن يسري عليه حكم حق الإنتفاع أيضا و الواقع هو أن توقيت هذه الحقوق أمر لا مفر منه إذ لو كانت دائمة لأصبحت قيودا أبدية على الملكية مما يؤدي إلى إهدار هذا الحق .
د - حق الملكية لا يسقط بعدم الإستعمال : إذا كان حق الملكية لا يسقط بعدم الإستعمال فإن حق الإرتفاق و حق الإنتفاع و حق السكن تنتهي بعدم الإستعمال .
و لكن إذا إقترن عدم إستعمال حق الملكية بحيازة الشيئ من طرف الغير و توافرت لهذا الغير شروط التقادم المكسب فإنه يكتسب هذا الشيئ بالتقادم إذ حق الملكية لا يسقط بالتقادم و لكن يكسب به .
ثانيا : القيود الواردة على حق الملكية :
ليست الملكية حقا مطلق كما كانت عليه سابقا إذ ترد عليها اليوم قيود و الملكية تؤدي وضيفة إجتماعية.
و القيود الواردة على حق الملكية نوعان : قيود قانونية و أخرى إتفاقية .
أ - القيود القانونية : فقد يفرض القانون قيودا على حق الملكية بقصد تحقيق المصلحة الغامة كما يقرر للمصلحة الخاصة و تنص المادة 690 ق . م على ما يلي " يجب على المالك أن يراعي في إستعمال حقه ما تقضي به التشريعات الجاري بها العمل المتعلقة بالمصلحة العامة أو المصلحة الخاصة ".
1 - القيود القانونية المقررة للمصلحةالعامة :
القيود التي تفوضها المصلحة العامة متعددة و لا داعي لمحاولة حصرها في هذا المقام فمثلا لا يمكن لصاحب الأرض منع العمل الذي يجري للمصلحة العامة كمرور الأسلاك المعدة للمواصلات أو الإضاءة ... كما تفرض المصلحة العامة إرتفاقات لابد أن يتحملها مالكو العقارات كتقرير عدم البناء على نمط معين و في هذا الصدد نصت المادة 6 القانون 90-29 المؤرخ في 01-12-1990 المتعلق بالتهيئة و التعمير على ما يلي :"لا يمكن أن يتجاوز علو البيانات في الجزاء المعمرة من البلدية متوسط علو البيانات المجاورة و ذلك في إطار إحترام الأحكام المنصوص عليها في التشريع المعمول به و خاصة ما يتعلق بحماية المعالم التاريخية .يجب أن يكون علو البيانات خارج الأجزاء المعمرة منسجما مع المحيط ..."
كما لا يمكن للمالك هدم الأبنية في حالات معينة إلا بعد حصوله على رخصة إدارية بالهدم . و هذا ما نصت عليه المادة 90 من قانون التهيئة و التعمير المشار إليه أعلاه .
و كذلك يطبق على الملكيات المجاورة للسكك الحديدية إرتفاقات بالإبتعاد و منع البناء في مساحات الملكيات الواقفة على جانبي السكك الحديدية .
و تفرض بعض التشريعات الخاصة قيودا على أصحاب الملكيات كالقيود التي تفرض على أصحاب المحلات التجارية أو الصناعية مثلا .
و قد تصل المصلحة العامة إلى حدة التعارض مع المصلحة الخاصة أي مع حق المالك ، فتنازع ملكية للمنفعة العامة ، و قد نصت على ذلك المادة 677 ق م " لا يجوز حرمان أي أحد من ملكية إلا في الأحوال
و الشروط المنصوص عليها في القانون غير أن للإدارة الحق في نزع جميع الملكية العقارية أو بعضها أو نزع الحقوق العينية العقارية للمنفعة العامة مقابل تعويض منصف و عادل ... "
2 - القيود القانونية المقررة للمصلحة الخاصة
هذه القيود تقرر المصلحة الخاصة للأشخاص كالقيود المتعلقة بالري و القيود التي تقرر لمصلحة الحيوان
و يمكن تقسيم هذه القيود إلى أربعة طوائف .
الطائفة الأولى : تشمل القيود التي تتعلق بإستعمال حق الملكية و هي تلك القيود التي تقتضيها إلتزامات الجوار التي تقتضي بألا يؤدي إستعمال الجار لحقه إلى الإضرار بجاره و ألا يعلو في إستعمال حقه بما يضر ملك جاره . و في هذا الصدد تنص المادة 691/1 ق.م على ما يلي :" يجب على المالك ألا يتعسف في إستعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار "
الطائفة الثانية : و تشمل القيود التي تتعلق بالمياه و يدخل في نطاق هذه الطائفة :
1 - حق الشرب : و هو حق الشخص في أن يروي أرضه من مسقاة خاصة مملوكة لشخص آخر .
2 - حق المجرى : و هو حق مالك الأرض البعيدة عن مورد المياه في أن تمر بأرض غيره المياه الضرورية لري الأرض .
3 - حق الصرف أو المسيل : و هو حق مالك الأرض البعيدة في تصرف المياه الزائدة عن حاجة أرضه .
الطائفة الثالثة : و هي حق المرور في حالة الإنحباس فلمالك الأرض المحبوسة عن طريق العام الحق في أن يحصل على مرر فوق الأرض المجاورة للوصول إلى الطريق . و قد نصت المادة 693 ق.م على ما يلي : " يجوز لمالك الأرض المحصورة التي لها مرر يصلها بالطريق العام أو كان لها ممر و لكن غير كاف للمرور . أن يطلب حق المرور على الأملاك المجاورة مقابل تعويض يتناسب مع الأضرار التي يمكن أن تحدث من جراء ذلك "
الطائفة الرابعة : القيود التي ترجع إلى التلاصق في الجوار .
يثير التلاصق في الجوار مشاكل عديدة بين الجيران لهذا فرض المشرع قيودا على الملكية تختلف بإختلاف التلاصق بين الملكيات المتجاورة فهي إما قيد تتعلق بوضع الحدود الفاصلة بين الملكيات المتجاورة
و إمّا قيود تتعلق بالحيطان الفاصلة بينهما و في هذا الصدد تنص المادة 703 ق.م على ما يلي :" لكل مالك أن يجير جاره على وضع حدود لأملاكهما المتلاصقة و تكون نفقات التحديد مشتركة بينهما " كما قد تتعلق هذه القيود بالمسافات التي يجب أن تراعي فيما الأملاك كعدم فتح مطلات إلا بمسافات معينة حتى لا يستطيع الجار الإطلال على العقار المجاور و هذا ما نصت عليه المادة 709/1 ق.م التي تقضي بأنّه :" لا يجوز للجار أن يكون على جاره مطل مواجه على مسافة نقل إن مترين و تقلس المسافة من الحائط الذي يوجد به الحافة الخارجية للشرفة أو من النتوء ".
ب - القيود الإدارية :
هذه القيود تقرر بإرادة الأشخاص و بمشيئتهم كشرط المنح من التصرف في الملك و يجب أن يكون هذه الشرط محددا بمدة معينة و أن يكون مشروعا . و قد يتقرر لمصلحة المالك أو المشترط كما يمكن أن يتقرر لمصلحة الغير و أمثلة ذلك ، أن يشترط الموصي له عدم التصرف في المال الموصي بأحق بلوغ سن معينة .
و كذلك إشتراط البائع على المشتري عدم التصرف في المبيع حتى يتم الوفاء بالثمن كاملا .
الحقوق المتجزئة عن حق الملكية
تخول هذه الحقوق صاحبها سلطة محدودة على شيئ مملوك للغير . فحق الملكية يخول المالك سلطة كاملة على الشيئ . أما غيره من الحقوق العينية الأصلية فلا يخول صاحبه إلا بعض هذه السلطة . و لذلك فإن الحقوق العينية الأصلية فيما عدا حق الملكية تعتبر حقوقا متفرعة عن الملكية و تختلف هذخ الحقوق المتفرعة عن الملكية بإختلاف القوانين .
أولا : حق الإنتفاع :
تنص الادة 844 ق.م على ما يلي " يكتسب حق الإنتفاع بالتعاقد و بالشفعة و بالتقادم أو بمقتضى القانون
يجوز أن يوصي بحق الإنتفاع الأشخاص المتعاقدين إذا كانو موجودين على قيد الحياة و قت الوصية كما يجوز أن يوصي به للحمل المستكين .
و حق الإنتفاع حق عيني يمكن المنتفع من ممالرسة سلطة على العين دون و سلطة أي شخص و يشمل حق الإنتفاع الإستعمال و الإستغلال و ينتهي بموت أو إنقضاء الأجل المعين له كما ينتهي بهلاك الشيئ أو ينتهيكذلك بعدم إستعماله لمدة خمس عشرة سنة و يرد حق الإنتفاع على الأموال العقارية و المنقولة كالمركبات و الآلات و المواشي ... كما يرد على الأموال غير المادية كحق المؤلف و حق المخترع .
و حق الإنتفاع يخول للمنتفع حق إستعمال الشيئ لإستمناعه الذاتي أو لصاحبه الشخصي و يكون المنتفع ملزم بالمحافظة على الشيئ و رده لصاحبه عند نهاية الإنتفاع كما أن للمنتفع حق إستغلال العقار . فتكون له ثماره المدنية و الطبيعية بينما منتجات الشيئ تكون لمالك العقار و ليس للمنتفع لأن إستخراج المنتجات ينقص من أصل الشيئ .
فمثلا في الإنتفاع بقطيع من المواشي تكون للمنتفع الألبان و الصوف و ناتج المواشي ، هذا بعدما يعوض ما نقص من الأصل بسبب حادث فجائي أو قوة قاهرة .
و يشمل إستغلال المتجر حق المنتفع في بيع البضائع و شراء غيرها لبيعها . و هو ملزم بالمحافظة على المتجر . و بصفة عامة يلتزم المنتفع بالإنتفاع بالشيئ بحسبما أعد له و إدارته إدارة حسنة . كما يلتزم المنتفع بصيانة الشيئ و تحمل المصاريف الواجب إنفاقها بصفة عادية على الشيئ .
و فوق ذلك يكون المنتفع ملزما بالمحافظة على الشيئ المنتفع به و يرده إلى مالكه عند إنتهاء مدة الإنتفاع . و إذا كان االشيئ محل الإنتفاع من الأشياء القابلة للإستهلاك و تم إستهلاك فعلا من طرف المنتفع وجب عليه أن يرد بدلها فقط للمالك عند إنتهاء الإنتفاع و هذا ما يسمى بشبه حق الإنتفاع .
و لا يجوز للمالك أن يقوم بفل ما من شأنه تعطيل حق الإنتفاع أو الإنقاص منه .
و لما كان حق الإنتفاع حقا متجزءا عن الملكية فإنه يسمح لصاحبه بإستعمال و إستغلال الشيئ فقط دون حقالتصرف إذ يظل المالك الشيئ " و هو ما يسمى بمالك الرقبة :" حق التصرف في الشيئ بإعتباره ملكا له
و يجوز للمنتفع التصرف في حقه الإنتفاع " و ليس في ملكية الشيئ محل الإنتفاع ، إلا أن تصرفه هذا محدود بمدة الإنتفاع . و هذا التحديد ضروري بالنسبة لحق الإنتفاع حتى لا يكون الإنتفاع قيد أبديا على الملكية .
و هي حقوق تخول صاحبها سلطة مباشرة على الشيئ تمكنه إستعماله و إستغلاله و التصرف فيه و قد يكون لصاحب الحق كل هذه السلطات أو بعضها بحسب إختلاف مضمون هذه الحق .
و تسمى الحقوق العينية بالأصلية لأن لها وجودا مستقلا فهي تقصد لذاتها و لا تقوم ضمانا لحق آخر و تشمل هذه الحقوق حق الملكية و الحقوق المتفرعة عنه .
* الحقوق العينية التنعية :
فهي أيضا حقوق تخول للشخص سلطة مباشرة على شيئ معين بالذات و لكنها لا تقوم مستقلة بذاتها بل أنها تستند إلى حق شخصي و تقوم ضمانا للوفاء به ثم إنها من جهة أخرى لا تخول صاحبها سلطة إستعمال الشيئ او إستغلاله أو التصرف فيه كما هو الشأن بالنسبة للحقوق العينية الأصلية و لكنها توجد ضمانا لحق شخصي.
و تخول صاحبها إستيفاء حقه من ثمن الشيئ الذي يرتب عليه الحق العيني متقدما في ذلك على غيره من الدائنين كما أنها تخول لصاحبها حق تتبع الشيئ إذا ما إنتقل ملكية المدين إلى ملكية غيره .
الحقوق العينية الاصلية
تنقسم الحقوق العينية الأصلية إلى حق الملكية و الحقوق المتجزئة عن الملكية .
أولا : حق الملكية
يعتبر حق الملكية أوسع الحقوق من حيث السلطات التي يمنحها للمالك إذ أنه يخول لصاحبه سلطة كاملة على الشيئ و يتميز بأنه حق جامع و مانع و دائم و لا يسقط بعدم الإستعمال .
أ - حق جامع : إذ يخول لصاحبه جميع المزايا التي يمكن الحصول عليها من الشيئ و للمالك أن يستعمل الشيئ و يستغله أو يتصرف فيه على النحو الذي يريده .
و السلطات التي يخولها حق الملكية هي حق الإستعمال ، الإستغلال ، و التصرف .
1 - الإستعمال : و يكون بالإفادة من الشيئ مباشرة و الحصول على ما يمكن أن يؤديه من خدمات فيما عدا الثمار . و دون أن يمس هذا بجوهره و بهذا يفرق الإستعمال عن الإستغلال و عن التصرف . فإذا كان الشيئ
منزلا كان إستعماله سكنا وإذا كان أرضا فإن إستعمالها يتحقق بزراعتها .
2 - الإسغلال : يكون بالإفادة من الشيئ بطريق غير مباشرة و ذلك بالحصول على ثماره و الثمار هي ما يتولد عن الشيئ دروبا من فوائدها و منافع في مواعيد دورية دون المساس بجوهره ، هذه الثمار قد تتولد بفعل الطبيعة مثل نتاج الحيوان و قد تتولد بفعل الإنسان مثل المزروعات . و النوع الأول يسمى ثمار طبيعة والنوع الثاني يسمى ثمار مستحدثة أو صناعية نظرا لتدخل الإنسان في إستخدامها و إستخراجها . م إلى جانب ذلك هناك ثمار مدنية أو قانونية و هي عبارة ريع الشيئ و ما بلغه من دخل نقدي في مقابل الإنتفاع به و ذلك كالأجرة التي يحصل عليها المالك من تأجيره لملكه و فوائد السندات و أرباح الأسهم و إستخدام دار للسكن هو إستعمال لها أما تأجيرها فهو إستغلال لها .
3 - التصرف : و معناه إستخدام الشيئ إستخداما يستنفده كلا أو بعضا و هو إما تصرف مادي و يكون ذلك بالقضاء على مادة الشيئ عن طريق إستهلاكه أو إتلافه أو تغيير شكله و تحويله تحويلا نهائيا لا رجوع فيه وإما تصرف قانوني و يكون ذلك بنقل سلطات المالك كلها أو بعضها إلى الغير سواء أكان بمقابل كالبيع
و الرهن و الهبة .
هذه العناصر الثلاثة التي يخولها حق الملكية للمالك و إذا ما إجتمعت هذه العناصر في يد شخص واحد قيل أن له الملكية التامة .
و لكن قد لا تجتمع في شخص واحد فتتجزأ الملكية إلا أنه ينبغي أن يراعي أن العنصر الثالث و هو التصرف هو العنصر الذي يميز حق الملكية عن غيره من الحقوق العينية الأصلية و لهذا فإنه يظل دائما في يد الملك . أما الإستعمال و الإستغلال فيجوز ثبوتهما لغير المالك و في هذه الحالة تتجزأ الملكية .
قد يتنازل المالك عن حق الإستعمال و حق الإستغلال لشخص آخر و يبقى لنفسه حق التصرف و يعتبر الشخص الذي تنازل إليه المالك في هذه الحالة صاحب حق إنتفاع أما من بقي له حق التصرف فيقال له مالك الرقبة .
ب - حق مانع : حق الملكية ح قمقصور على صاحبه و يمكنه من الإستئثار في مزايا ملكه و يكون مقيدا في ذلك بما يكون للغير من حق في التمتع ببعض المزايا بموجب الإتفاق أو القانون فقد يخول المالك شخصا آخر حق الإنتفاع بالشيئ و يترتب له عليه حق الإرتفاق كما أن هناك حالات يجيز فيها القانون للغير إستعمال الشيئ و منها مثل الملاك المجاورين حق إستعمال المصرف فيما تحتاجه أراضيهم لريها و كذلك إذا كانت الأرض محبوسة عن الطريق العام أ, لا يصلها به ممر كاف فلصاحبها حق المرور على الأرض المجاورة بالقدر اللازم لإستغلال أرضه و إستعمالها على الوجه المألوف .
و يجب على المالك الإمتناع عن التدخل في ملكه متى كان ذلك مضرا بالغير و إلا اعتبر متعسفا في إستعمال حقه كالمالك الذي يقوم ببناء حائط يحجب به النور على الجار .
ج - حق دائم :حق الملكية يدوم الشيئ أي يبقى دائما بدوام في ملك صاحبه بينما الحقوق الأخرى ليست لها صفة الدوام .
فحق الملكية لا ينقضي و لكنه ينتقل بالميراث أو بالوصية و قد يحتم القانون التوقيت لبعض الحقوق فحق الإنتفاع ينتهي حتما بموت المنتفع أو ينقضي بإنقضاء أجله قبل الوفاة و حق الإرتفاق قد يحدد بمدة معينة كما ينقضي أيضا بأسباب معينة كعدم الإستعمال مثلا . و حق الإستعمال و السكن يسري عليه حكم حق الإنتفاع أيضا و الواقع هو أن توقيت هذه الحقوق أمر لا مفر منه إذ لو كانت دائمة لأصبحت قيودا أبدية على الملكية مما يؤدي إلى إهدار هذا الحق .
د - حق الملكية لا يسقط بعدم الإستعمال : إذا كان حق الملكية لا يسقط بعدم الإستعمال فإن حق الإرتفاق و حق الإنتفاع و حق السكن تنتهي بعدم الإستعمال .
و لكن إذا إقترن عدم إستعمال حق الملكية بحيازة الشيئ من طرف الغير و توافرت لهذا الغير شروط التقادم المكسب فإنه يكتسب هذا الشيئ بالتقادم إذ حق الملكية لا يسقط بالتقادم و لكن يكسب به .
ثانيا : القيود الواردة على حق الملكية :
ليست الملكية حقا مطلق كما كانت عليه سابقا إذ ترد عليها اليوم قيود و الملكية تؤدي وضيفة إجتماعية.
و القيود الواردة على حق الملكية نوعان : قيود قانونية و أخرى إتفاقية .
أ - القيود القانونية : فقد يفرض القانون قيودا على حق الملكية بقصد تحقيق المصلحة الغامة كما يقرر للمصلحة الخاصة و تنص المادة 690 ق . م على ما يلي " يجب على المالك أن يراعي في إستعمال حقه ما تقضي به التشريعات الجاري بها العمل المتعلقة بالمصلحة العامة أو المصلحة الخاصة ".
1 - القيود القانونية المقررة للمصلحةالعامة :
القيود التي تفوضها المصلحة العامة متعددة و لا داعي لمحاولة حصرها في هذا المقام فمثلا لا يمكن لصاحب الأرض منع العمل الذي يجري للمصلحة العامة كمرور الأسلاك المعدة للمواصلات أو الإضاءة ... كما تفرض المصلحة العامة إرتفاقات لابد أن يتحملها مالكو العقارات كتقرير عدم البناء على نمط معين و في هذا الصدد نصت المادة 6 القانون 90-29 المؤرخ في 01-12-1990 المتعلق بالتهيئة و التعمير على ما يلي :"لا يمكن أن يتجاوز علو البيانات في الجزاء المعمرة من البلدية متوسط علو البيانات المجاورة و ذلك في إطار إحترام الأحكام المنصوص عليها في التشريع المعمول به و خاصة ما يتعلق بحماية المعالم التاريخية .يجب أن يكون علو البيانات خارج الأجزاء المعمرة منسجما مع المحيط ..."
كما لا يمكن للمالك هدم الأبنية في حالات معينة إلا بعد حصوله على رخصة إدارية بالهدم . و هذا ما نصت عليه المادة 90 من قانون التهيئة و التعمير المشار إليه أعلاه .
و كذلك يطبق على الملكيات المجاورة للسكك الحديدية إرتفاقات بالإبتعاد و منع البناء في مساحات الملكيات الواقفة على جانبي السكك الحديدية .
و تفرض بعض التشريعات الخاصة قيودا على أصحاب الملكيات كالقيود التي تفرض على أصحاب المحلات التجارية أو الصناعية مثلا .
و قد تصل المصلحة العامة إلى حدة التعارض مع المصلحة الخاصة أي مع حق المالك ، فتنازع ملكية للمنفعة العامة ، و قد نصت على ذلك المادة 677 ق م " لا يجوز حرمان أي أحد من ملكية إلا في الأحوال
و الشروط المنصوص عليها في القانون غير أن للإدارة الحق في نزع جميع الملكية العقارية أو بعضها أو نزع الحقوق العينية العقارية للمنفعة العامة مقابل تعويض منصف و عادل ... "
2 - القيود القانونية المقررة للمصلحة الخاصة
هذه القيود تقرر المصلحة الخاصة للأشخاص كالقيود المتعلقة بالري و القيود التي تقرر لمصلحة الحيوان
و يمكن تقسيم هذه القيود إلى أربعة طوائف .
الطائفة الأولى : تشمل القيود التي تتعلق بإستعمال حق الملكية و هي تلك القيود التي تقتضيها إلتزامات الجوار التي تقتضي بألا يؤدي إستعمال الجار لحقه إلى الإضرار بجاره و ألا يعلو في إستعمال حقه بما يضر ملك جاره . و في هذا الصدد تنص المادة 691/1 ق.م على ما يلي :" يجب على المالك ألا يتعسف في إستعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار "
الطائفة الثانية : و تشمل القيود التي تتعلق بالمياه و يدخل في نطاق هذه الطائفة :
1 - حق الشرب : و هو حق الشخص في أن يروي أرضه من مسقاة خاصة مملوكة لشخص آخر .
2 - حق المجرى : و هو حق مالك الأرض البعيدة عن مورد المياه في أن تمر بأرض غيره المياه الضرورية لري الأرض .
3 - حق الصرف أو المسيل : و هو حق مالك الأرض البعيدة في تصرف المياه الزائدة عن حاجة أرضه .
الطائفة الثالثة : و هي حق المرور في حالة الإنحباس فلمالك الأرض المحبوسة عن طريق العام الحق في أن يحصل على مرر فوق الأرض المجاورة للوصول إلى الطريق . و قد نصت المادة 693 ق.م على ما يلي : " يجوز لمالك الأرض المحصورة التي لها مرر يصلها بالطريق العام أو كان لها ممر و لكن غير كاف للمرور . أن يطلب حق المرور على الأملاك المجاورة مقابل تعويض يتناسب مع الأضرار التي يمكن أن تحدث من جراء ذلك "
الطائفة الرابعة : القيود التي ترجع إلى التلاصق في الجوار .
يثير التلاصق في الجوار مشاكل عديدة بين الجيران لهذا فرض المشرع قيودا على الملكية تختلف بإختلاف التلاصق بين الملكيات المتجاورة فهي إما قيد تتعلق بوضع الحدود الفاصلة بين الملكيات المتجاورة
و إمّا قيود تتعلق بالحيطان الفاصلة بينهما و في هذا الصدد تنص المادة 703 ق.م على ما يلي :" لكل مالك أن يجير جاره على وضع حدود لأملاكهما المتلاصقة و تكون نفقات التحديد مشتركة بينهما " كما قد تتعلق هذه القيود بالمسافات التي يجب أن تراعي فيما الأملاك كعدم فتح مطلات إلا بمسافات معينة حتى لا يستطيع الجار الإطلال على العقار المجاور و هذا ما نصت عليه المادة 709/1 ق.م التي تقضي بأنّه :" لا يجوز للجار أن يكون على جاره مطل مواجه على مسافة نقل إن مترين و تقلس المسافة من الحائط الذي يوجد به الحافة الخارجية للشرفة أو من النتوء ".
ب - القيود الإدارية :
هذه القيود تقرر بإرادة الأشخاص و بمشيئتهم كشرط المنح من التصرف في الملك و يجب أن يكون هذه الشرط محددا بمدة معينة و أن يكون مشروعا . و قد يتقرر لمصلحة المالك أو المشترط كما يمكن أن يتقرر لمصلحة الغير و أمثلة ذلك ، أن يشترط الموصي له عدم التصرف في المال الموصي بأحق بلوغ سن معينة .
و كذلك إشتراط البائع على المشتري عدم التصرف في المبيع حتى يتم الوفاء بالثمن كاملا .
الحقوق المتجزئة عن حق الملكية
تخول هذه الحقوق صاحبها سلطة محدودة على شيئ مملوك للغير . فحق الملكية يخول المالك سلطة كاملة على الشيئ . أما غيره من الحقوق العينية الأصلية فلا يخول صاحبه إلا بعض هذه السلطة . و لذلك فإن الحقوق العينية الأصلية فيما عدا حق الملكية تعتبر حقوقا متفرعة عن الملكية و تختلف هذخ الحقوق المتفرعة عن الملكية بإختلاف القوانين .
أولا : حق الإنتفاع :
تنص الادة 844 ق.م على ما يلي " يكتسب حق الإنتفاع بالتعاقد و بالشفعة و بالتقادم أو بمقتضى القانون
يجوز أن يوصي بحق الإنتفاع الأشخاص المتعاقدين إذا كانو موجودين على قيد الحياة و قت الوصية كما يجوز أن يوصي به للحمل المستكين .
و حق الإنتفاع حق عيني يمكن المنتفع من ممالرسة سلطة على العين دون و سلطة أي شخص و يشمل حق الإنتفاع الإستعمال و الإستغلال و ينتهي بموت أو إنقضاء الأجل المعين له كما ينتهي بهلاك الشيئ أو ينتهيكذلك بعدم إستعماله لمدة خمس عشرة سنة و يرد حق الإنتفاع على الأموال العقارية و المنقولة كالمركبات و الآلات و المواشي ... كما يرد على الأموال غير المادية كحق المؤلف و حق المخترع .
و حق الإنتفاع يخول للمنتفع حق إستعمال الشيئ لإستمناعه الذاتي أو لصاحبه الشخصي و يكون المنتفع ملزم بالمحافظة على الشيئ و رده لصاحبه عند نهاية الإنتفاع كما أن للمنتفع حق إستغلال العقار . فتكون له ثماره المدنية و الطبيعية بينما منتجات الشيئ تكون لمالك العقار و ليس للمنتفع لأن إستخراج المنتجات ينقص من أصل الشيئ .
فمثلا في الإنتفاع بقطيع من المواشي تكون للمنتفع الألبان و الصوف و ناتج المواشي ، هذا بعدما يعوض ما نقص من الأصل بسبب حادث فجائي أو قوة قاهرة .
و يشمل إستغلال المتجر حق المنتفع في بيع البضائع و شراء غيرها لبيعها . و هو ملزم بالمحافظة على المتجر . و بصفة عامة يلتزم المنتفع بالإنتفاع بالشيئ بحسبما أعد له و إدارته إدارة حسنة . كما يلتزم المنتفع بصيانة الشيئ و تحمل المصاريف الواجب إنفاقها بصفة عادية على الشيئ .
و فوق ذلك يكون المنتفع ملزما بالمحافظة على الشيئ المنتفع به و يرده إلى مالكه عند إنتهاء مدة الإنتفاع . و إذا كان االشيئ محل الإنتفاع من الأشياء القابلة للإستهلاك و تم إستهلاك فعلا من طرف المنتفع وجب عليه أن يرد بدلها فقط للمالك عند إنتهاء الإنتفاع و هذا ما يسمى بشبه حق الإنتفاع .
و لا يجوز للمالك أن يقوم بفل ما من شأنه تعطيل حق الإنتفاع أو الإنقاص منه .
و لما كان حق الإنتفاع حقا متجزءا عن الملكية فإنه يسمح لصاحبه بإستعمال و إستغلال الشيئ فقط دون حقالتصرف إذ يظل المالك الشيئ " و هو ما يسمى بمالك الرقبة :" حق التصرف في الشيئ بإعتباره ملكا له
و يجوز للمنتفع التصرف في حقه الإنتفاع " و ليس في ملكية الشيئ محل الإنتفاع ، إلا أن تصرفه هذا محدود بمدة الإنتفاع . و هذا التحديد ضروري بالنسبة لحق الإنتفاع حتى لا يكون الإنتفاع قيد أبديا على الملكية .