ملتقى القانونيين العرب

اهلا بك زائرنا الكريم نتشرف بوجودك
نرجو الدخول ان كنت عضواً
ونرجو التسجيل ان لم تكن عضواً واهلا بك دائما

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى القانونيين العرب

اهلا بك زائرنا الكريم نتشرف بوجودك
نرجو الدخول ان كنت عضواً
ونرجو التسجيل ان لم تكن عضواً واهلا بك دائما

ملتقى القانونيين العرب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى القانونيين العرب

منتدى ثقافى متنوع للتعارف وتبادل الخبرات بين القانونيين وغيرهم من كل العالم العربى


    ***أشباح***

    طوق الياسمين
    طوق الياسمين
    المشرفون
    المشرفون


    انثى
    عدد الرسائل : 1181
    الموقع : الجـــزائـــر
    البلد : ***أشباح*** Female11
    نقاط : 580
    تاريخ التسجيل : 07/09/2008

    ***أشباح*** Empty ***أشباح***

    مُساهمة من طرف طوق الياسمين السبت أكتوبر 24, 2009 12:18 am

    بعد قرار نقل خدمتها إلى مدينة نائية عن العاصمة, قررت شراء منزل صغير بدل الاستئجار.. لم تجد بيتا يلائم ما تدخره من مال سوى بيت, عرضه عليها أحد السماسرة في تردد واضح يقول :
    - لا أدري هل سيعجبك عرضي أم لا..؟ هناك بيت صغير منعزل, لكن يقول الناس عنه بعض أشياء, لاأعرف, ما إذا كانت حقيقية !!
    نظرت إليه في استغراب وقد عقدت مابين حاجبيها تسأله :
    - وماذا يقولون عنه ..؟ !
    - يقولون, تسكن فيه أشباح !!
    في دهشة أجابته, وظل ابتسامة ساخرة تعلو محياها الجميل:
    - تسكنه الأشباح!؟ ما هذه الخرافة, هيا, خذني إليه فقد يكون نصيبي.
    نظرت إلى البيت نظرة فاحصة, وحين دخلت الباحة أحست برهبة بسيطة تعتريها, كان المنزل صغيرا في كل تفاصيله, وله نوافذ من كل جوانبه , الطابق الأرضي فيه غرفة نوم وصالة متوسطة, ومطبخه كان حقا رائعا تطل نافذته الواسعة على الحديقة الصغيرة, التي عمتها الأدغال حتى بدت وكأنها غابة موحشة, طابقه العلوي يحتوي على غرفة نوم وحمام.
    أحست بأنها وجدت ضالتها أخيرا, وفي حماسة شديدة حسمت سعرالبيت مع السمسار وصاحب الدار.. فرحت كثيرا لأنها حققت صفقتها المثمرة,حيث, اشترت المنزل بأثاثه, فهي لن تحتاج سوى إلى نقل حقائبها.
    رفض أي عامل حاولت استئجاره لمساعدتها في تنظيف المنزل, ووافق فلاح واحد أن يأتي كل يوم ليقتلع الأدغال من الحديقة, ويعيد تنسيقها, وفي همة عالية انهمكت, تنظف البيت بدءا من غرفة النوم وترتيب الملابس ثم الصالة, لم تنهِ مهمتها حتى كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل.
    أخذت حماما ساخنا واندست في فراشها الذي أحسته مريحا, وأغمضت عينيها مستسلمة لنوم عميق, استيقظت في صباح اليوم التالي, وهي تشعر بالرضا عن نفسها وحياتها.
    كان الفلاح يعمل في جهد كبير, حين حملت إليه كوب الشاي, وصحنا فيه بضع قطع من البسكويت, تابعته بعينيهاالواسعتين في دهشة, وهو يلتهم البسكويت ويشرب الشاي في عجالة واضحة, فسألته مبتسمة:
    - لمَ العجلة عماه ؟!! خذ نفسا عميقا, فالتعب باد عليك .
    - كلا يا ابنتي, يجب أن أنهي عملي بسرعة من هنا, فأنا صاحب عائلة كبيرة ومعيلها الوحيد, وهذا البيت يخيفني , بل إنه يخيف كل أهل البلدة, منذ توفي فيه ثلاثة أفراد بليلة واحدة, تصوري ابنتي عائلة كاملة, قضت نحبها هنا .
    عقدت المفاجأة لسانها, وظلت تحملق في الرجل بنظرات زائغة, وهي مذهولة لا تدري ما تقول, انتبه الفلاح لها فاستطرد قائلا:
    - لا تندهشي ابنتي, هذا ما حدث هنا, كانوا أربعة أفراد, الأب والأم وولد وبنت جميلة تشبه الزهور, مات ثلاثة منهم, وظلت أرواحهم تطارد كل من يسكن البيت, وكأنها لعنة , قالت الشرطة إنه تسرب غاز, لم يشعروا فيه وهم نيام, فقضى عليهم, خاصة وإن الشتاء تلك السنة كان قاسيا, فنام الصغار مع والدتهم في الغرفة ذاتها, وكان الأب وقتها ملتحقا, بوحدته العسكرية, فقد كان ضابطا في الجيش,أعانه الله, فحين عاد ووجد ثلاثة أكفان تنتظره, ذهب عقله, لم يحتمل تلك المصيبة , بعدها, لم يره أحدٌ .. لكننا.. سمعنا إنه في مستشفى المجانين .
    علت وجهها علامات الحزن وهي تستمع لحكاية تلك العائلة المنكوبة, وأصابها الفضول لتعرف أكثر فسألته :
    - ولمَ يتصور الجميع أن أشباحا تسكن البيت, عماه ؟
    - لأن كل من يسكن البيت, يرى أشباحا تجول أرجاء المنزل, و تصدر أصوات غريبة ليلا, خاصة في الشتاء, بدأ هذا في الحدوث منذ عامين, بعد وفاة تلك العائلة بالتحديد, أرجوك ابنتي انتبهي لنفسك, ويا ليتك تتركين البيت لئلا يصيبك مكروه, لقد هرب كل من سكن البيت قبلك, خوفا ورعبا ممايجري فيه .
    - لا تخف عليّ عماه, فأنا لا أخاف الأشباح, ومن قال أن هناك أشباحا أصلا !!
    هبط الليل, وهي لم تزل تنظف زجاج النوافذ والجدران, وحين انتهت كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل, ففضلت أن تترك ترتيب الرفوف إلى الغد, لأنها شعرت بالإعياء والتعب.
    ابتلعتها غفوتها لحظة إطباق جفنيها, لكنها تململت كثيرا, فهي لم تكن مرتاحة في نومها مثل الأمس, وحين استيقظت صباحا, كانت تشعر بأن جسدها يئن, من تعب اليومين السابقين.
    كان الفلاح قد أنهى عمله في الحديقة, فبدت وكأنها فردوس صغيرة, لجمال أشجارها وتنسيق زهورها المتناغم, فجلست ترتشف فنجان قهوتها بالرغم من برودة الجو, لكن المنظر سحرها فلم تستطع مقاومة إغراء الجلوس, والتمتع في منظر الطبيعة الخلاب, والاستماع لزقزقة العصافير, تحت دفء الشمس الخجلة, حين انتهت من رشف آخر قطرة دخلت المنزل, وتوجهت لغرفة النوم في الطابق العلوي.
    أثار انتباهها درج مغلق, عندما فتحته وجدت إنه يحتوي على صور لعائلة, أدهشها إنها كانت صورا مألوفة لديها.. ظلت تنظر إلى صورة المرأة وزوجها, وهما في ثياب الزفاف والفرحة بادية عليهما, وحدقت كثيرا في صورة أخرى للرجل, بزيه الرسمي العسكرية, ووسامته التي أثارت انتباهها.. وللحظة !! ؟ خيل إليها أنها لمحت خيالا, يمر خاطفا من أمام النافذة!! فأجفلت.. ونفضت رأسها.. لتبعد عن بالها فكرة إن أحدا ما, كان يراقبها, أو إن شبحا قد خطف من أمامها توا, فالأشباح تظهر عادة.. ليلا!!
    أعادت الصور إلى الدرج بعد أن مسحت الغبار عنها, ونزلت إلى الطابق الأرضي وتوجهت إلى المطبخ , تنبهت إلى إن ربطة الخبز لم تكن في مكانها, الذي وضعتها فيه , فوقفت مشدوهة تنظر إليها, وظل شك وريبة يعلو محياها.
    أرخى الليل ستائر الظلام الدامس, وعم السكون المكان فأحست بوحشة تعتريها, فتلفتت تنظر حولها, وظل رهبة من المكان تعتريها, خاصة وهي غريبة, في مدينة يخاف أهلها من بيت تسكنه.. هي لوحدها.. والأشباح.. فتعمدت أن تترك صوت التلفاز عاليا كي يؤنس وحشتها, ويخفف من وطأة توترها, مذ لمحت الخيال, وتحرك ربطة الخبز.
    داعب النعاس جفنيها فذهبت إلى غرفة النوم, ولم تنسى أن تدير الراديو على إذاعة الموسيقى, لتشعر بالراحة والهدوء, واندست في فراشها.. سرحت أفكارها في الصورة وأصحابها, وابتسامة الرجل ووسامته, فلم تعي كم من الوقت مر, حين سمعت حفيف الأشجار وهي تتحرك, فشعرت بقشعريرة شديدة, وتوفزت كل أعصابها وحواسها, وهي تجيل النظر بعينيها, هنا وهناك.. صار صوت الحفيف أقوى, وكأن شخصا ما يخترق الأشجار في سرعة وقوه, أحست بالخوف الشديد ,وارتجفت أوصالها, وصوت حفيف الأشجار يزداد قربا من نافذة غرفة نومها, وكأن أحدا سيخترق زجاج النافذة, عليها, اتسعت عيناها, وابتلعها الهلع, وهي ترى ظل شبح أسود يتسلق النافذة, في قفزة واحدة, فأطلقت صرخة مدوية من شدة خوفها ورعبها, ترتعد فرائسها,هلعا , وتتعوذ بآيات قرآنية.. ليخيم بعدها السكون.. دقائق معدودات.
    لم تستطع النوم لحظة واحدة, وظلت ترتعش, وهي تسمع صوت أقدام تمشي في الطابق العلوي, جيئة وذهابا, فقفزت من فراشها, وتأكدت من إغلاق قفل الباب, عليها.
    وقفت خلف الباب, تتنصت, أحست بالبرد يسري في جسدها, وهي تقف حافية القدمين, فمشت على أطراف أصابع قدميها, كي لا تصدر صوتا, واندست في فراشها.. وكم استطال الليلعليها قبل انبلاج الفجر, لكنها لم تتحرك من مكانها مفضلة أن تشرق الشمس.. كي تشعرفي الأمان.
    صارت الدقائق دهورا وهي تنتظر.. الصباح وضوءه, لتهرب من المكان كله, تذكرتسخريتها من حديث الفلاح وتحذيره لها!! وقصة العائلة المنكوبة, وأشباحهم, فأحست بالخجل من نفسها, لأنها فكرت في الهرب من البيت, وآمنت في لحظة خوف.. بوجود شبح فعلا !!
    حين أشرقت شمس الصباح, نهضت واقفة وهي تستجمع قواها, من أجل أن تعرف مصدر تلك الأصوات والتحركات, وتوجهت مباشرة إلى سلم الطابق العلوي, تحدث نفسها ((لابد أن هناك خطأ ما, وإن وراء الأكمة ما وراءها, لا أصدق بقصة الشبح )).
    ارتقت السلم حافية القدمين, دون أن تصدر صوتا, وتوجهت إلى غرفة النوم , فسمعت صوت تنفس يصدر من داخل الغرفة, اقشعر بدنها رهبة, واهتز جسدها.. فكرت في الهرب!! لكنها استجمعت ما بقي من شجاعتها وتابعت , كان الباب مواربا, فدخلت.. وهي تتبع مصدر الأنفاس, حتى وصلت إلى الجهة الأخرى من السرير, لتجد شخصا نائما هناك.. على الأرض!!
    أرادت أن تهرب, أن تصرخ بأعلى صوتها, وهي ترتعش, لكنها تنبهت إن الرجل النائم, يحتضن صورة الزفاف التي رأتها, وأن ملامحه ليست غريبة عنها.. أمعنت النظر بوسع عينيها في وجهه, فوجدته ملتحيا وآثار التعب والوهن والقهر, بادية على محياه , ويبدو مسالما وليس شريرا على الإطلاق.. أخذت شهيقا عميقا, ونظرت إليه مرة أخرى, فغزت قلبها شفقة, على هذا الرجل الغريب, وهو يفترش أرض غرفة النوم, ولم ينم على السرير حتى, وملامحه الهادئة توحي بالسكينة والسلام.. مدت يدها على كتفه في كل هدوء تحاول إيقاظه, فأجفل فزعا, حين شعر بيدها, نظر إليها في خوف واضح.. وهو يقول لها بصوت خفيض متوسل:
    - أرجوك لا تخافي.. أرجوك .. أنا لن أؤذيك صدقيني .
    قالت وهي تلملم شتات نفسها, ليبدو صوتها واثقا غير مهزوز, ولتبدو هي المسيطرة على الموقف:
    - لن أخاف ثق بيّ.. لمَ أنت في بيتي, ومن أنت.. ولمَ تحتضن هذه الصورة ؟!!
    كانت عيناه تغصان في الدمع حين أجابها, بصوت متهدج مهزوز, مادا يده إليها.. بصورة الزفاف.. مؤشرا بإصبعه على وجه الرجل:
    - كان هذا بيتي سابقا.. وأنا صاحب هذه الصورة .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد سبتمبر 08, 2024 3:29 am