إشكاليات مفهوم "حقوق الإنسان"
هبة رؤوف عزت
أضحى مفهوم "حقوق الإنسانHuman Rights " من المفاهيم شائعة الاستخدام في الأدبيات السياسية الحديثة وفي الخطاب السياسي المعاصر بشكل عام، وإن كانت العديد من الكتابات التي استخدمت هذا المفهوم لم تهتم بتأصيله، بل أصبح لشدة شيوعه يستعمل بدون تمحيص وكأنه لا مجال لمراجعته؛ لذا فمن المهم قراءة المفهوم في أصوله الغربية ومقارنته بوضع الإنسان وحقوقه/ واجباته في الإسلام.
اكتسب مفهوم حقوق الإنسان Human Rights قبولاً على المستوى الأكاديمي والمستوى السياسي الدولي على حد سواء، فقد حاولت العديد من الأدبيات العربية إضفاء الصبغة الإسلامية على المفهوم، فبرزت كتابات تتحدث عن "حقوق الإنسان في الإسلام"، بل صدر بالفعل عن أحد المؤتمرات الإسلامية الدولية "بيان عالمي لحقوق الإنسان في الإسلام"، واحتفظ بنفس مفردات الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة مع محاولة إثبات عدم تعارضه مع الإسلام بعرض الأدلة الشرعية التي تساند هذه الحقوق، وهو ما يجعل الإطار الغربي للمفهوم في التحليل الأخير هو المرجعية.
وتثير القراءة في المصادر الغربية حول "حقوق الإنسان" كمفهوم العديد من التحفظات في ذهن الباحث بشأن صلاحية المفهوم وقدرته التفسيرية، ولعل أهم هذه التحفظات هي:
أولاً: غموض المفهوم
ففي حين يرجعه البعض إلى الرشادة والعقلانية ويلتمس له جذورًا في الفكر الإغريقي ثم المسيحي مباشرة، يرى البعض الآخر أن مصدر الحق هو أولاً القيم والقانون الوضعي ثم العرف والعادة.
وفي الوقت الذي تذكر فيه معظم الكتابات أن مضمون الحق هو أن للإنسان، بحكم كونه إنسانًا بغض النظر عن دينه ولونه وجنسه وكل الفوارق، حدًّا أدنى من الحقوق المكفولة، ترى بعض الكتابات الأخرى أن مضمون الحق جماعي لا فردي.
وتستند أغلب الكتابات الغربية عن حقوق الإنسان إلى عدد من الوثائق التاريخية كإعلان حقوق الإنسان بالولايات المتحدة (إعلان فرجينيا) 1776م، وإعلان الثورة الفرنسية 1790م، ثم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر 1947م عن الأمم المتحدة.