حياة أمل يفاجئها ألم ويعاجلها أجل ...
كيف نحصل الأمل كيف نخفف الألم كيف نسابق الأجل...
كيف نحيا سعداء ناجحين ؟؟؟
أثر في الحياة..... ذكرى بعد الممات...
ما أسرار الطاقة الحيوية وما لغز الدوافع البشرية ؟؟؟
ما سبيل تحقيق الأهداف لنبلغ الدرجة القصوى من السعادة والإنجاز ؟؟؟
كيف نصنع الحضارة ؟؟؟
وما قصة صنّاع الحياة ؟؟؟
العبادة:ومن قصر بالعبادة ابتلاه الله بالشيطان...
قال تعالى :
{وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}
(36) سورة الزخرف
الشعور بالعبودية غريزة مركوزة في النفس البشرية تتناسب مع فطرتها
ومراحل ضعفها وكثرة حاجاتها والفطرة السليمة تنادي بكل إنسان أن
له ولهذا العالم ربا خالقا عظيما حتى لا يسع الواحد إلا أن يناديه لحظات
صفاء فطرته.
يقول الكسيس كاريل: في كتابه الإنسان ذلك المجهول...
" للتفكر الديني جوانب مختلفة وهو يتكون في أبسط حالاته من تطلع
مبهم نحو قوة تفوق الأشكال المادية والعقلية لعالمنا إنه نوع من الصلاة
غير المنطوقة إنه بحث عن جمال أكثر من الجمال الفني أو العلمي
لا يمكن التعبير عنه بأي لغة ويختفي بداخل أشياء العالم المنظور ويستلزم
السمو بالعقل نحو الذات العلية التي هي مصدر جميع الأشياء نحو قوة بل
مركز القوة نحو الله جل جلاله",
على أنه حين يضل وتنتعش روحه فلا تستطيع أن تشف حين يغشيها ركام
الجهل والشهوات فيحجب عنها النور حينئذ أيضا تظل بقية من الفطرة
وبرغم ضلالها تتجه إلى خالقها كما تتجه العين الكليلة إلى الضوء
لا تراه كله ولكن لا تعمى عنه فيعبد الناس الله ويشركون به غيره
من الكائنات فيعبد الحجر والشجر والحيوان وربما عبدت أشياء مادية
وأخرى معنوية كالأفكار والعقائد.
يستمدون من عبادتهم الطاقة والحماية على اختلاف مستوى العبادة
وتطبيقاتها ويقتبسون من المعبود صفاته فتضفي على صفاتهم
النفسية والجسدية والسلوكية طابعا يعرفون به فالغرب مثلا ًحين نبذ
عبادة الله وعَبدَ العلم طغت عليه صفات العلم عندما يصبح إله
فالعجب والكبر والاستعلاء والتحرر من كل الضوابط ولكن هذا الإله
ما لبث أن خارت قواه ونقض بعضه بعضا فنبذوا إله العلم ليرثه
ربيبه الأعظم المال وعندها استبدلت القيم الفاضلة بقيم مادية تقوم
على الفلسفة النفعية والمصالح الشخصية بغض النظر عن الوسيلة...
حب للمال وحب للدنيا إلى أقصى الحدود وفلسفة المتعة واللذة
بغض النظر عن كل المبادئ والقيم, فتحجرت القلوب وانتشر
الجشع والطمع والأنانية والظلم وعندها نافس هذا الإله إله آخر هو
إله القوة آخر الآلهة عبادة في الغرب الآن وما أدراك ما إله القوة؟؟؟
سفك للدماء واستئثار للخيرات وانتشار للدمار وتغطرس وجنون يسير
نحو هاوية الانعدام.
وهكذا نجد أنه إذا صح اختيار المعبود صحت صفات العابدين ليكونوا
جاهزين لعمارة الأرض ونشر الحضارة والازدهاروالإنسان يدرك ويريد
ومن هاتين الصفتين تتكون مبادئه وأفكاره ومن ثم سلوكه أو بمعنى آخر
منهج حياته.
وإن اختيار منهج حياة يحتاج إلى قناعة عقلية يليها محرك عاطفي
وهنا تكمن خطورة المنهج الإسلامي من حيث أنه:
*- يرفض الإتباع الأعمى ويرشد إلى أن يتحرر العقل ويعمل بصيرته
النافذة فيتوصل إلى الحق ويعتصم به.
*- يثير حساسية القلب نحو إبداع الله في صفحة الكون ورقابته الدائمة
علينا وإطلاعه على السر وأخفى مما يبعث على اطمئنان القلب واستراحته
من القلق وتقبل قدره بالتسليم والرضا.
وإن اختلال هاتين الدعامتين
يلغي دور الإنسان في البناء ويضيع عليه الهدف
ويجعله منفعلاً بعدما كان فاعلاً منساقاً مع الأحداث
بعدما كان صانعاً لها وموجها.
والتطبيق السلوك العملي لما سبق نجده في عدة نقاط:
أولاً:
•-.عندما ينطلق الإنسان من شعوره بالعبودية ويستمد طاقاته من
الخالق العظيم لا تقف قدراته عند حدود طاقته بل تتعدى ذلك إلى
حدود الطاقة اللامحدودة كما في الحديث القدسي:
" كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش
بها ..........."
وكم الفرق شاسع بين من يعتقد ويقول أنا أقدر أنا أستطيع أنا أملك
طاقات وإمكانيات وبين من يعتقد ويقول إن ولي الله القادر المقتدر الجبار
الذي يمدني بقوة فوق القوة وقدرة فوق القدرة وطاقة فوق الطاقة
وذلك عندما أتوكل عله وآخذ بالأسباب,فقوة الأول محدودة بالبشرية
مهما عظمت ومهما ارتقت...
وقوة الثاني لا محدودة لاستمداده من طاقة لا محدودة فهو يصنع المعجزات.
•- كما أن المؤمن لا يضره النجاح الهائل والانتصار المتوالي لأنه يعلم
أن ذلك توفيق من الله جرى على يديه, أما الآخر فيأخذه جنون العظمة
وكبرياء القوة فيطغى ويبغي ويشعر أنه صار فوق البشر ومع توالي
النجاحات ربما اعتقد أنه إله من الآلهة فيدمر أكثر مما يعمر ويفسد
أكثر مما يصلح.
•- عندما يعتقد المؤمن ذلك لا يضره أنه فشل في نهاية مرحلة ما فهو
متوكل وآخذ بالأسباب ولا ينتظر النتائج سعى إليها نعم ولكن لا يعلق
مصيره وقلبه وروحه بها, أما من اعتقد بطاقة ذاته فعلاً وارتفع وربما بلغ
الذروة فيما يعتقد إلا أن صدمة فشل بسيطة ربما تجعله ينتحر لأنه صدم
بذاته فهو يقدر ويملك ويستطيع فعندها لا يملك أن يتحمل مرارة الفشل
وهذا ما رأينا تطبيقه عمليا على قادة وزعماء وأرباب أموال كثيرين.
ثانياً:
إن الشيطان يلتقم قلب الإنسان إذا قصر في العبادة فيملي عليه الشعور
السلبي كما في الحديث فأما لمه الشيطان فايعاد بالشر و تكذيب بالحق,
وللإنسان حديثان:
إما حديث النفس مع الشيطان وهو الوسواس.
أو حديث الروح مع الرحمن وهو الإلهام.
وفرق هائل بين من يستيقظ فيذكر الله ويدعو نعوذ بك من العجز والكسل
فيمضي لا توقفه صعوبة ولا يستذله ضعف متوكلا مندفعا متفائلا بأن
أمره كله خير فيمضي فاعلا بناء.
وبين من التقم الشيطان قلبه فهو يثير فيه الخوف والقلق ويبشر بالشر
فيهدر طاقته ويشل قدراته ويشوش عليه هدفه وتوجهه فلا إنجاز ولا إسعاد.
ونروي لكم هنا طرفة حصلت مع إحدى النساء وما أسهل أن تصبح النساء
ألعوبة بيد الشيطان....
جرى أن إحدى النساء أرادت أن تكوي لزوجها بنطاله فتفاجئت أن المكواة
معطلة وجاءها الشيطان يخبرها أن زوجها عندما يستيقظ سيقيم عليها
الدنيا ويقعدها فصعدت الدرج إلى جارتها لتستعير مكواة وعندما
وصلت الباب وسوس لها الشيطان أن جارتها ستستهزئ بهاو تعيب
عليها فقرها وتخبر الأخريات عن خوفها من زوجها فعادت إلى بيتها
وقبل أن تدخل عاد الشيطان يذكرها بما سيفعل زوجها فتصعد الدرج
فيخبرها بما ستفعل الجارة فتنزل وهكذا عدة مرات......
فلما أنهكها التعب والإعياء ...
طرقت باب الجارة بقوة وقالت لها بغضب وحنق:
"لا أريد أن أستعير المكواة وليفعل زوجي ما شاء لن أدعك تستهزئين
بي لن أسمح لك أن تجعليني أضحوكة الجيران"
صرخت ثم صرخت ونزلت إلى بيتها لتصرخ في وجه زوجها أيضا,
فتأملوا يرعاكم الله ما هي نتائج سيطرة الشيطان على الإنسان.
ونختم بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يحفظ من الشعر إلا بيتاً واحداً:
تفاءل بما شئت فقـــــــلما يقال لشيء كان إلا قد صار
والحمد لله رب العالمين