الى من يهمّه الامر:
ألقى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة يوم الأحد كلمة بمناسبة الإفتتاح الرسمي للسنة الجامعية 2008-2009 بتلمسان هذا نصها الكامل:
"السيدات الفضليات
السادة الأفاضل
لقد عشنا بكل ألم وتأثر محنة الابتلاء التي شهدها سكان ولاية غرداية والمناطق المجاورة لها جراء الفيضانات الطوفانية التي غمرتها خلال الأيام الفارطة وقد خلفت ضحايا في الأنفس وخسائر في العمران وعطلت حركة المرور وعاقت التنمية مخلفة روعا غير مألوف.
وقد أصدرنا في الحين التعليمات اللازمة لمختلف مؤسسات الدولة على المستويين المركزي والمحلي للتكفل الفوري بإنقاذ وإسعاف وإيواء المنكوبين منهم وتسخير كل الوسائل المتاحة لعودة التلاميذ الى مدارسهم مع تلبية جميع حاجيات الضحايا وعائلاتهم بعد أن أعلنا بأنها منطقة منكوبة.
ولهذا الغرض أمرت بتشكيل خلية أزمة تحت إشراف السيد رئيس الحكومة تضطلع بمهامها الى جانب ذلك العمل العفوي التضامني النبيل الذي شهدناه على إثر الكارثة من قبل أعيان المنطقة وعلمائها وشبابها الذين هبوا جميعا لنجدة أهلهم وذويهم فأبلوا البلاء الحسن مؤكدين بذلك لحمتهم وتآزرهم في المحن العصبية على عادة كل الجزائريين المتآخين على الدوام في السراء والضراء.
وإن فداحة الخطب الذي ابتليت به منطقة غرداية وما جاورها لم تسلم منه العديد من مناطق الوطن كعين الدفلى والجلفة والنعامة والمسيلة والأغواط و ورقلة وتبسة وتيارت فسقط في جميعها ضحايا وهدمت مساكن وقطعت أرزاق فتداعت لها أنفس المواطنين في كل مكان بالحزن وهب ابناء العديد من ولايات شتى تؤازر أسر الضحايا وتسعف المنكوبين وتمسح أثار الخطب عن النفوس الجريحة.
ولئن كان ما أصابنا من مصيبة قضاء وقدر من الله نرجو رحمته ولطفه بنا فإن بعض أسباب فداحة الخسارة في الأرواح والمكتسبات تعزي الى التغيرات المناخية بفعل تدخل الإنسان العشوائي في قوانين الطبيعة واعتدائه على نواميسها من خلال تلويث الجو بالغازات والنفايات السامة مما زاد في اتساع دائرة الخطر وتعدد الأمراض الخطيرة المفنية والأوبئة وما إليها من الكوارث كلها تعاضدت وتآلفت لتؤثر سلبا على الانسجام في انساق الكون والحياة.
و أشدد على المعنيين بهذه المناسبة بأن يتخذوا من هذه الظواهر وهذه الكوارث درسا وموعظة ليقوا أنفسهم والمواطنين أهوال وأخطار تقلبات الأحوال الجوية والأنشطة البركانية وما إليها ولنعمل جميعا بالقاعدة الذهبية "الوقاية خير من العلاج" ولنجعل من هذه الأزمات عبرة ومنطلقا جديدا لمواجهة المستقبل واستباق الأحداث واستشراف الحلول قبل فوات الأوان ولنعتبرها ابتلاء وضررا ننتفع منهما في رص الصفوف ولم الجهود وشحذ الهمم وتنقية الخواطر بما يجعلنا نتجاوز المحنة ونلملم الجراح حتى نتفرغ للقضايا الكبرى في التنمية الوطنية والرقي المدني والنهوض الحضاري.
ومن على هذا المنبر أتقدم بتعازي الخالصة باسمي وباسم الشعب الجزائري الى اسر الضحايا وذويهم في كافة المناطق المتضررة مبتهلا الى العلي القدير ان يرحم موتانا ويسكنهم في جنات الخلد والريان ويثبت أجر جميع المتعاضدين في هذه المحنة.
وأطلب من جميع الوقوف دقيقة صمت لقراءة الفاتحة ترحما على أرواح الضحايا.
السيدات الفضليات.
السادة الافاضل.
نلتقي مجددا في حرم الجامعة الوارف للأحتفاء بالدخول الجامعي لسنة 2008-2009 على شاكلة السنوات الفارطة.
وإننا لسعداء بوجودنا في حاضرة الثقافة والفقه الأصيل وفي مربع المجد الحضاري الاثيل في تلمسان التي توالت عليها الوقائع وازدهر فيها الفكر وتألقت فيها العلوم وزخرت بالمؤلفات المكينة والمخطوطات الثمينة.
تلمسان التي شهدت دولة الأدارسة والمرابطين والموحدين فبسطوا عليها سلطانهم واشرقت فيها شمس دولة الزيانيين وبني عبد الواد واعجب بها القاصي والداني.
ولئن أعجبتنا قصورها المونقة ودورها الرائعة وحدائقها الغناء ومساجدها الفاتنة وفواكهها الدواني فليس ذلك بأعجب من تصدرها للأمصار واحتوائها للآثار وارتقائها في العلوم والصنائع وتفردها بالمواهب والمآثر والبدائع.
وان شئت فاسأل يحيى بن خلدون شقيق المؤرخ الشهير عما دبحه في كتابه (بغية الرواد في ذكر ملوك بني عبد الواد) أو الحافظ التنسي عما كتبه في سفره (نظم الدرر والعقبان في تاريخ ملوك بني زيان) فستجد تلمسان تعج بالمواقف الرائعة والبطولات الشامخة والعطاء العلمي النضير والأزهار الحضاري المنقطع النظير.
ناهيك عن امجادها الحديثة وبطولاتها الحثيثة ووطنيتها الظاهرة وتضحياتها الباهرة.
وصدق صاحب الإليادة حين قال :
تلسمان مهما أطلنا الطوافا
اليك تلمسان ننهى المطافا
يغمراسن الشهم ضاق اصطبارا
وغالب خمسين عاما عجافا
فكانت تلمسان دار سلام
وأمر الجزائر فيها ائتلافا
فلا عجب اذن أن تتوج الدورة الرابعة للمنظمة الإسلامية للعلوم والتربية والثقافة المنعقدة بالجزائر سنة 2004 مدينة تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2011.
واننا اذ نحتفي بالدخول الجامعي لهذا العام من جامعة تلمسان إنما نعبر عن توقير العلم وأهله وتقدير البحث ورواده وتكريم الاسرة الجامعية قاطبة بما فيها من اساتذة وباحثين وطلبة ومسيرين وموظفين وعاملين وذلك بمختلف مؤسسات التعليم العالي المنيفة منوهين بأدوارهم النبيلة ورسالتهم الشريفة في ترقية الجامعة والنهوض بالبحث العلمي المتوخى كما نحيي طلبة الجامعة كافة فنهنئ المبرزين والمتفوقين ونأمل للمتعثرين ممن لم يسعفهم حظ النجاح أن يشمروا عن ساعد الجد وان يركبوا الطموح
لنيل المآرب وتسنم المراتب وقد قيل :
شباب قنع لا خير فيهم
وبورك في الشباب الطامحينا
وإن السعادة لتغمرنا بوجودنا ضيوفا على هذه المدينة العريقة ذات المحاسن الرقيقة والمآثر العتيقة والمباهج الأنيقة في هذا الرحاب المقدس وقد رصعتها حفاوة الاستقبال واصداء الاحتفاء و الاحتفال بهذا الكنف الأرحب والشئ من معدنه لا يستغرب.
السيدات الفضليات.
السادة الأفاضل.
إن اجتماعنا في جامعة أبي بكر بلقايد بتلمسان للإعلان عن افتتاح السنة الجامعية هو تقليد مرسي بإيجابية ونجاعة باعتبار فرصة سانحة لمعاينة الأشواط المقطوعة والانجازات المحققة مما حصله قطاع التعليم العالي رجاء التبصر بالحاصل الموجود والمتوقع الموعود لاستكمال مسار الإصلاح المطبق والنظر الى ما تحقق وما لم يتحقق.
وان التوق الى اصلاح الجامعة ليدخل في اطار التنمية المستدامة والطفرة التنموية الرائدة التي تشهدها البلاد في كل الميادين باعتبار الجامعة ورشة كبرى ضمن الورشات الآخرى التي نراهن على تحقيقها لتجني الجزائر ثمارها بحول الله.
والجامعة بحكم أنها الإطار المؤسساتي للمعرفة والبيئة العلمية للتنمية لايمكنها الا ان تكون موقعا للتاسيس الحضاري وفضاء للحوار الايجابي الذي يسهم بفعالية في حل المشاكل والمعضلات التي تربط بالفرد والمجتمع مما تجد فيه الدولة وسائل لتدعيم برامجها وايصال التنمية الى غاياتها لأن الجامعة هي الشعاع الحضاري المرسي لهوية الأمة والإطار الملائم للإبداع والتكوين والتأطير خاصة ونحن نعاني تحديات عالمية في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد والثقافة و السياسة والتعايش مع النفس ومع الغير.
واننا لنثمن شبكة الجامعات التي تمتلكها الجزائر عبر التراب الوطني لأنها تمثل مكسبا أكيدا ومغنما ثمينا يجدر بنا ان نحافظ عليه ونطوره.
لقد تجاوزت الجامعة الحديثة طرائق التلقين ومناهج التلقي والاستهلاك وانطلقت الى فضاءات أكثر رحابة فصار لها دور في التلميع والتسويق والاسهام في استثمار الموارد البشرية وحصائل الفكر والابداع والاختراع وذلك لا يكون الا بإنتاج الكفاءة الخلاقة وتحقيق التأطير النوعي ذي الجودة التنافسية العالمية والاندماج في الشراكة الاقتصادية والتكفل بقضايا المجتمع مما يشكل أمانة عظيمة تضطلع بها
النخب الجامعية الواعية وذلك من باب الحرص على دور الجامعة وتلميع مهامها الحقيقية التي تواكب التطور وتدفع التنمية للإزدهار بما يتوافق مع الحاجات الداخلية ومتطلبات التحديات التنافسية الخارجية التي تفرضها نهاية الجغرافيا والتقارب العولمي الذي يحتم الاندماج في الزمن الآني بغية التطور أو رجاء ضمان البقاء مع الحفاظ على الخصوصية ما امكن.
ونحن لا نفتأ ننوه بالمهمة الشاقة النبيلة التي تضطلع بها اسرة الجامعة وما تبذله من جهود بغية النهوض بالجامعة ومعالجة النقائص التي يفترضها التسارع الكبير للزمن مع التراكم المرهق لعدد الطلاب وما تحاوله من الاستجابة بشفافية وحصافة لرغبات المليون طالب في الالتحاق بمختلف التخصصات العلمية والمعرفية وبأطر التكوين المتاحة بالجامعة وما تحاوله من ضمان اعداد لا بأس بها من المؤطرين بنوعية مرضية وما تسعى إليه من تطوير ملحوظ للهياكل والمؤسسات البيداغوجية لاستيعاب الكم الهائل من الطلبة ضمانا لديمقراطية التعليم وخدمة للشرائح الواسعة من ابناء هذا الشعب.
إنها لمهمة عسيرة وغاية كبيرة أن نضمن الكم والكيف في آن واحد ولكن المنجزات تبقى هائلة ومثمنة رغم النقائص الملحوظة التي يفرضها زخم الاعداد الزاحفة عاما بعد عام على الجامعة والتي تتطلب جهودا خارقة لمجابهة المشاكل الضاغطة بفعل ذلك التراكم الحيوي الذي يتطلب توفير امكانات مهولة لتحقيق التوازن والاستقرار في الجامعة.
ورغم ذلك فهناك جهود لا تنكر عملت على بلورة مسار الجامعة في ظل العمل على تحقيق الجودة وضمان النوعية برفع المستوى البيداغوجي والأداء العلمي وذلك بتحسين أساليب العمل وتطوير تقنيات التسجيل والتطبيق التدريجي لنظام (L.M.D) الجديد وهو الذي تحاول الجامعة تقويمه وتقييمه بالمماشاة مع توسيع دائرة تطبيقه في مختلف الجامعات والتخصصات بما يتلاءم مع غايات التكوين والأولويات الاستراتيجية المفترضة للتنمية الانسانية المستدامة في الجزائر.
ويكون ذلك بضمان شروط هذا النظام بدءا من تخفيف أعباء التاطير بتحديد أعداد الطلبة في الأفواج من أجل ضمان المتابعة العلمية والبيداغوجية لكل طالب ومسارعة الى تأسيس المرافق البحثية الكافية ورقمنتها وتطويرها تسهيلا على الطلبة وضمانا لسرعة التواصل وتكافؤ الفرص وانتهاءا بتكريس مبدإ المنافسة والاستحقاق للوصول الى الجودة المرتجاة مما يحتم ايجاد برامج تكوينية خاصة لدفع هذا النظام قدما نحو التبلور الميداني وذلك بمنأى عن الأخطاء المحتملة والتجارب المرتجلة والتطبيقات المتسرعة المستعجلة.
ا.
ألقى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة يوم الأحد كلمة بمناسبة الإفتتاح الرسمي للسنة الجامعية 2008-2009 بتلمسان هذا نصها الكامل:
"السيدات الفضليات
السادة الأفاضل
لقد عشنا بكل ألم وتأثر محنة الابتلاء التي شهدها سكان ولاية غرداية والمناطق المجاورة لها جراء الفيضانات الطوفانية التي غمرتها خلال الأيام الفارطة وقد خلفت ضحايا في الأنفس وخسائر في العمران وعطلت حركة المرور وعاقت التنمية مخلفة روعا غير مألوف.
وقد أصدرنا في الحين التعليمات اللازمة لمختلف مؤسسات الدولة على المستويين المركزي والمحلي للتكفل الفوري بإنقاذ وإسعاف وإيواء المنكوبين منهم وتسخير كل الوسائل المتاحة لعودة التلاميذ الى مدارسهم مع تلبية جميع حاجيات الضحايا وعائلاتهم بعد أن أعلنا بأنها منطقة منكوبة.
ولهذا الغرض أمرت بتشكيل خلية أزمة تحت إشراف السيد رئيس الحكومة تضطلع بمهامها الى جانب ذلك العمل العفوي التضامني النبيل الذي شهدناه على إثر الكارثة من قبل أعيان المنطقة وعلمائها وشبابها الذين هبوا جميعا لنجدة أهلهم وذويهم فأبلوا البلاء الحسن مؤكدين بذلك لحمتهم وتآزرهم في المحن العصبية على عادة كل الجزائريين المتآخين على الدوام في السراء والضراء.
وإن فداحة الخطب الذي ابتليت به منطقة غرداية وما جاورها لم تسلم منه العديد من مناطق الوطن كعين الدفلى والجلفة والنعامة والمسيلة والأغواط و ورقلة وتبسة وتيارت فسقط في جميعها ضحايا وهدمت مساكن وقطعت أرزاق فتداعت لها أنفس المواطنين في كل مكان بالحزن وهب ابناء العديد من ولايات شتى تؤازر أسر الضحايا وتسعف المنكوبين وتمسح أثار الخطب عن النفوس الجريحة.
ولئن كان ما أصابنا من مصيبة قضاء وقدر من الله نرجو رحمته ولطفه بنا فإن بعض أسباب فداحة الخسارة في الأرواح والمكتسبات تعزي الى التغيرات المناخية بفعل تدخل الإنسان العشوائي في قوانين الطبيعة واعتدائه على نواميسها من خلال تلويث الجو بالغازات والنفايات السامة مما زاد في اتساع دائرة الخطر وتعدد الأمراض الخطيرة المفنية والأوبئة وما إليها من الكوارث كلها تعاضدت وتآلفت لتؤثر سلبا على الانسجام في انساق الكون والحياة.
و أشدد على المعنيين بهذه المناسبة بأن يتخذوا من هذه الظواهر وهذه الكوارث درسا وموعظة ليقوا أنفسهم والمواطنين أهوال وأخطار تقلبات الأحوال الجوية والأنشطة البركانية وما إليها ولنعمل جميعا بالقاعدة الذهبية "الوقاية خير من العلاج" ولنجعل من هذه الأزمات عبرة ومنطلقا جديدا لمواجهة المستقبل واستباق الأحداث واستشراف الحلول قبل فوات الأوان ولنعتبرها ابتلاء وضررا ننتفع منهما في رص الصفوف ولم الجهود وشحذ الهمم وتنقية الخواطر بما يجعلنا نتجاوز المحنة ونلملم الجراح حتى نتفرغ للقضايا الكبرى في التنمية الوطنية والرقي المدني والنهوض الحضاري.
ومن على هذا المنبر أتقدم بتعازي الخالصة باسمي وباسم الشعب الجزائري الى اسر الضحايا وذويهم في كافة المناطق المتضررة مبتهلا الى العلي القدير ان يرحم موتانا ويسكنهم في جنات الخلد والريان ويثبت أجر جميع المتعاضدين في هذه المحنة.
وأطلب من جميع الوقوف دقيقة صمت لقراءة الفاتحة ترحما على أرواح الضحايا.
السيدات الفضليات.
السادة الافاضل.
نلتقي مجددا في حرم الجامعة الوارف للأحتفاء بالدخول الجامعي لسنة 2008-2009 على شاكلة السنوات الفارطة.
وإننا لسعداء بوجودنا في حاضرة الثقافة والفقه الأصيل وفي مربع المجد الحضاري الاثيل في تلمسان التي توالت عليها الوقائع وازدهر فيها الفكر وتألقت فيها العلوم وزخرت بالمؤلفات المكينة والمخطوطات الثمينة.
تلمسان التي شهدت دولة الأدارسة والمرابطين والموحدين فبسطوا عليها سلطانهم واشرقت فيها شمس دولة الزيانيين وبني عبد الواد واعجب بها القاصي والداني.
ولئن أعجبتنا قصورها المونقة ودورها الرائعة وحدائقها الغناء ومساجدها الفاتنة وفواكهها الدواني فليس ذلك بأعجب من تصدرها للأمصار واحتوائها للآثار وارتقائها في العلوم والصنائع وتفردها بالمواهب والمآثر والبدائع.
وان شئت فاسأل يحيى بن خلدون شقيق المؤرخ الشهير عما دبحه في كتابه (بغية الرواد في ذكر ملوك بني عبد الواد) أو الحافظ التنسي عما كتبه في سفره (نظم الدرر والعقبان في تاريخ ملوك بني زيان) فستجد تلمسان تعج بالمواقف الرائعة والبطولات الشامخة والعطاء العلمي النضير والأزهار الحضاري المنقطع النظير.
ناهيك عن امجادها الحديثة وبطولاتها الحثيثة ووطنيتها الظاهرة وتضحياتها الباهرة.
وصدق صاحب الإليادة حين قال :
تلسمان مهما أطلنا الطوافا
اليك تلمسان ننهى المطافا
يغمراسن الشهم ضاق اصطبارا
وغالب خمسين عاما عجافا
فكانت تلمسان دار سلام
وأمر الجزائر فيها ائتلافا
فلا عجب اذن أن تتوج الدورة الرابعة للمنظمة الإسلامية للعلوم والتربية والثقافة المنعقدة بالجزائر سنة 2004 مدينة تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2011.
واننا اذ نحتفي بالدخول الجامعي لهذا العام من جامعة تلمسان إنما نعبر عن توقير العلم وأهله وتقدير البحث ورواده وتكريم الاسرة الجامعية قاطبة بما فيها من اساتذة وباحثين وطلبة ومسيرين وموظفين وعاملين وذلك بمختلف مؤسسات التعليم العالي المنيفة منوهين بأدوارهم النبيلة ورسالتهم الشريفة في ترقية الجامعة والنهوض بالبحث العلمي المتوخى كما نحيي طلبة الجامعة كافة فنهنئ المبرزين والمتفوقين ونأمل للمتعثرين ممن لم يسعفهم حظ النجاح أن يشمروا عن ساعد الجد وان يركبوا الطموح
لنيل المآرب وتسنم المراتب وقد قيل :
شباب قنع لا خير فيهم
وبورك في الشباب الطامحينا
وإن السعادة لتغمرنا بوجودنا ضيوفا على هذه المدينة العريقة ذات المحاسن الرقيقة والمآثر العتيقة والمباهج الأنيقة في هذا الرحاب المقدس وقد رصعتها حفاوة الاستقبال واصداء الاحتفاء و الاحتفال بهذا الكنف الأرحب والشئ من معدنه لا يستغرب.
السيدات الفضليات.
السادة الأفاضل.
إن اجتماعنا في جامعة أبي بكر بلقايد بتلمسان للإعلان عن افتتاح السنة الجامعية هو تقليد مرسي بإيجابية ونجاعة باعتبار فرصة سانحة لمعاينة الأشواط المقطوعة والانجازات المحققة مما حصله قطاع التعليم العالي رجاء التبصر بالحاصل الموجود والمتوقع الموعود لاستكمال مسار الإصلاح المطبق والنظر الى ما تحقق وما لم يتحقق.
وان التوق الى اصلاح الجامعة ليدخل في اطار التنمية المستدامة والطفرة التنموية الرائدة التي تشهدها البلاد في كل الميادين باعتبار الجامعة ورشة كبرى ضمن الورشات الآخرى التي نراهن على تحقيقها لتجني الجزائر ثمارها بحول الله.
والجامعة بحكم أنها الإطار المؤسساتي للمعرفة والبيئة العلمية للتنمية لايمكنها الا ان تكون موقعا للتاسيس الحضاري وفضاء للحوار الايجابي الذي يسهم بفعالية في حل المشاكل والمعضلات التي تربط بالفرد والمجتمع مما تجد فيه الدولة وسائل لتدعيم برامجها وايصال التنمية الى غاياتها لأن الجامعة هي الشعاع الحضاري المرسي لهوية الأمة والإطار الملائم للإبداع والتكوين والتأطير خاصة ونحن نعاني تحديات عالمية في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد والثقافة و السياسة والتعايش مع النفس ومع الغير.
واننا لنثمن شبكة الجامعات التي تمتلكها الجزائر عبر التراب الوطني لأنها تمثل مكسبا أكيدا ومغنما ثمينا يجدر بنا ان نحافظ عليه ونطوره.
لقد تجاوزت الجامعة الحديثة طرائق التلقين ومناهج التلقي والاستهلاك وانطلقت الى فضاءات أكثر رحابة فصار لها دور في التلميع والتسويق والاسهام في استثمار الموارد البشرية وحصائل الفكر والابداع والاختراع وذلك لا يكون الا بإنتاج الكفاءة الخلاقة وتحقيق التأطير النوعي ذي الجودة التنافسية العالمية والاندماج في الشراكة الاقتصادية والتكفل بقضايا المجتمع مما يشكل أمانة عظيمة تضطلع بها
النخب الجامعية الواعية وذلك من باب الحرص على دور الجامعة وتلميع مهامها الحقيقية التي تواكب التطور وتدفع التنمية للإزدهار بما يتوافق مع الحاجات الداخلية ومتطلبات التحديات التنافسية الخارجية التي تفرضها نهاية الجغرافيا والتقارب العولمي الذي يحتم الاندماج في الزمن الآني بغية التطور أو رجاء ضمان البقاء مع الحفاظ على الخصوصية ما امكن.
ونحن لا نفتأ ننوه بالمهمة الشاقة النبيلة التي تضطلع بها اسرة الجامعة وما تبذله من جهود بغية النهوض بالجامعة ومعالجة النقائص التي يفترضها التسارع الكبير للزمن مع التراكم المرهق لعدد الطلاب وما تحاوله من الاستجابة بشفافية وحصافة لرغبات المليون طالب في الالتحاق بمختلف التخصصات العلمية والمعرفية وبأطر التكوين المتاحة بالجامعة وما تحاوله من ضمان اعداد لا بأس بها من المؤطرين بنوعية مرضية وما تسعى إليه من تطوير ملحوظ للهياكل والمؤسسات البيداغوجية لاستيعاب الكم الهائل من الطلبة ضمانا لديمقراطية التعليم وخدمة للشرائح الواسعة من ابناء هذا الشعب.
إنها لمهمة عسيرة وغاية كبيرة أن نضمن الكم والكيف في آن واحد ولكن المنجزات تبقى هائلة ومثمنة رغم النقائص الملحوظة التي يفرضها زخم الاعداد الزاحفة عاما بعد عام على الجامعة والتي تتطلب جهودا خارقة لمجابهة المشاكل الضاغطة بفعل ذلك التراكم الحيوي الذي يتطلب توفير امكانات مهولة لتحقيق التوازن والاستقرار في الجامعة.
ورغم ذلك فهناك جهود لا تنكر عملت على بلورة مسار الجامعة في ظل العمل على تحقيق الجودة وضمان النوعية برفع المستوى البيداغوجي والأداء العلمي وذلك بتحسين أساليب العمل وتطوير تقنيات التسجيل والتطبيق التدريجي لنظام (L.M.D) الجديد وهو الذي تحاول الجامعة تقويمه وتقييمه بالمماشاة مع توسيع دائرة تطبيقه في مختلف الجامعات والتخصصات بما يتلاءم مع غايات التكوين والأولويات الاستراتيجية المفترضة للتنمية الانسانية المستدامة في الجزائر.
ويكون ذلك بضمان شروط هذا النظام بدءا من تخفيف أعباء التاطير بتحديد أعداد الطلبة في الأفواج من أجل ضمان المتابعة العلمية والبيداغوجية لكل طالب ومسارعة الى تأسيس المرافق البحثية الكافية ورقمنتها وتطويرها تسهيلا على الطلبة وضمانا لسرعة التواصل وتكافؤ الفرص وانتهاءا بتكريس مبدإ المنافسة والاستحقاق للوصول الى الجودة المرتجاة مما يحتم ايجاد برامج تكوينية خاصة لدفع هذا النظام قدما نحو التبلور الميداني وذلك بمنأى عن الأخطاء المحتملة والتجارب المرتجلة والتطبيقات المتسرعة المستعجلة.
ا.