مظاهر النشاط الإداري
للنشاط الإداري مظاهر يظهر فيها تختلف عن الوسائل التي تستعملها الإدارة لتحقيق نشاطها، و تتمثل هذه المظاهر في مظهرين أساسيين :
1- الضبط الإداري
2- المرفق العام
الضبط الإداري
مفهوم الضبط
1- تعريف الضبط من الناحية القانونية :
الضبط لغة عبارة مستمدة من كلمة ضبط يضبط ضبطا، بمعنى لزمه و قهره و قوي عليه و حبسه، فالضبط لغة حبس الشيء، و يقابل هذه الكلمة بالفرنسية كلمة POLICE التي تعني ما لانَ و إستكان، و ما لانت آدابه و أخلاقه و هي مستمدة من كلمة poli أو policé ، و قد ترجم المشرع الجزائري هذه العبارة بكلمة شرطة، و الشرطة لغة مستمدة من كلمة "شرَط" بفتح الراء، أي علّم أو وضع علامة على الشيء. و قد ابتكرت الشرطة في العصر العباسي حين أسست الدولة آنذاك هيئة، كلفت بحفظ الأمن في الأسواق و الأماكن العمومية و منع التزوير و سرقة الميزان و غيرها من الأنشطة التي تحفظ المواطن في أمنه و صحته و سكينته. و كان رجالها في بداية عهدهم يحملون شارات أو علامات في ذراعهم يميّزهم عن المواطنين العاديين فكانوا شرطة بسبب هذه العلامة المميزة. ثم و بعد أن تطورت الدولة صار هؤلاء الرجال، يحملون لباسا أو بدلات خاصة بهم، و كان يطلق عليهم أيضا تعبير الضابط أو الضبطية.
و نلاحظ أن التسمية التي استعملها المشرع الجزائري للدلالة على الضبط الإداري و هي عبارة الشرطة، تسمية لا وجود لها إلا في دول المغرب العربي أما دول المشرق و منها مصر على الخصوص، فالعبارة المستعملة هناك عي عبارة الضبط، و نحن نميل إليها أكثر لأنها أكثر دقة.
2- الضبط من الناحية القانونية :
للضبط من الناحية القانونية عدة معان، منها الضبط التشريعي، الضبط القضائي و الضبط الإداري.
أما الضبط التشريعي : فيراد به مجموع القواعد القانونية العامة و الملزمة التي ينظم بها المشرع سلوك الأفراد في المجتمع، و يمنع بها حدوث الفوضى فيه خصوصا في المجالات التي تعمل فيها على الحد من نطاق مباشرة بعض الحريات الفردية و الحفاظ على النظام العام في معناه الواسع و من هنا يكون القانون أو التشريع مصدر من مصادر الضبط فالتشريع ضبط و لكنه ضبط يصدر عن السلطة التشريعية، و هو يهدف إلى حماية المجتمع بوقايته من الفوضى.
أما الضبط القضائي : فيراد به مجموع الإجراءات و التحريات التي تتخذها السلطة الضبطية القضائية في التحري عن الجرائم و المخالفات، بعد حدوثها و القبض على المجرمين المتسببين فيها، فالضبط القضائي تحت إشراف سلطة الضبطية القضائية (القضاة و وكلاء الجمهورية) تتمثل مهمتهم في التدخل بعد وقوع الجريمة لوقف المجرمين و إحالتهم على العدالة مع تقديم الدليل الذي يؤكد إدانتهم قصد محاكمتهم و توقيع العقاب عليهم.
و من ثم يكون هدف الضبط القضائي علاجي زجري و ليس وقائي كما هو الحال بالنسبة للضبط التشريعي و الضبط الإداري.
أما الضبط الإداري : و هو يشكل موضوع دراستنا، فهو عبارة عن عمل تقوم به الإدارة عن طريق الأوامر التي تصدرها للمواطنين للقيام بأعمال أو الإمتناع عن القيام بأعمال، قصد تنظيم المجتمع و حمايته من الأضرار التي تنجم عن المساس بالنظام العام. فالضبط الإداري عمل علاجي وقائي من الفوضى التي قد تحدث في مجالات الأمن أو الصحة أو السكينة أو الآداب العامة و يمكن تعريف الضبط الإداري من زاويتين العضوية و المادية.
التعريف بالضبط الإداري
1- خصائصه و أهدافه :
للضبط الإداري مدلولين: عضوي و مادي.
ينصرف المفهوم العضوي للضبط الإداري إلى دراسة الهيئات التي تتكفل بعملية الضبط الإداري مثل رئيس الجمهورية و الوالي و رئيس البلدية.
أما المفهوم المادي فينصرف إلى النشاط الذي تمارسه هذه الجهات و غيرها في ضبط أمور البلاد من الناحية الإدارية كالحفاظ على النظام العام و الصحة العامة و السكينة العامة.
أهم خصائص الضبط الإداري :
يتمتع الضبط الإداري بمجموعة من الخصائص التي تميزه عن غيره، أهمها :
1- الضبط الإداري نشاط تباشره الإدارة أي السلطة التنفيذية، و لا تمارسه جهات أخرى تشريعية كانت أو قضائية أو غيرها.
2- هدفه وقائي يرمي إلى المحافظة على النظام العام و الآداب العامة.
3- يصدر الضبط الإداري في شكل قرار إنفرادي لا يخضع للمساومة و لا للإتفاق.
4- تتمتع الإدارة في هذا النوع من النشاط بسلطة تقديرية واسعة.
5- إن مجال الضبط الإداري محدود بتحقيق النظام العام و لا يتجاوزه.
6- إن الضبط الإداري خطير على الحريات العامة لأنه قيد يرد عليها.
مثال يبين الفرق بين أنواع الضبط :
هناك قانون خاص بالصيد أصدره البرلمان عام 1982 تحت رقم : 82/10 يضبط فيه قواعد الصيد و يمنع الإستغلال المفرط لصيد الحيوانات و الطيور هذا النص يشكل ضبطا تشريعيا لأنه صدر عن البرلمان بهدف حماية مجال معيّن من الإندثار و تنظم نشاط معيّن هو نشاط الصيد، فالصيد المفرط للحيوانات أو الطيور قد يؤدي إلى إنقراض أنواع معيّنة منها و بالتالي فقدان ثروة وطنية لا تقدر بالمال، و لذلك قد يتخذ والي من ولاة الجنوب على ضوء هذا القانون مثلا قرار يمنع فيه صيد الغزال المهدد بالإنقراض، فيعتبر هذا القرار بمثابة قرار ضبطي إداري وقائي يرمي إلى حماية هذا الحيوان من الإنقراض، أما إذا تعدى بالرغم من ذلك أحد الصيادين على هذا القرار بقتل أو صيد الغزال، فإن ذلك يعتبر خرقا للقانون و الإجراء الضبطي الذي إتخذه الوالي و من ثم توجب على أعوان الضبط القضائي القبض على هذا الصياد و إحالته على العدالة.
* أهداف الضبط الإداري :
يهدف الضبط الإداري إلى تحقيق حماية المجتمع من المساس بالنظام العام، و يقوم النظام العام على أربعة عناصر هي :
1- الأمن العام : و المقصود به هو العمل على إستتباب الأمن و النظام في المدن و القرى و الأحياء و التجمعات السكنية المختلفة بما يحقق الإطمئنان لدى الجمهور على أنفسهم و أعراضهم و أموالهم من كل خطر أو إعتداء قد يكونون عرضة له سواء بفعل الإنسان، مثل الإعتداءات المسلحة لعصابات الإجرام المختلفة، أو عدم إحترام قواعد المرور، أو بفعل الطبيعة كالزلزال و الفيضانات و غيرها، و من أهم مظاهر الحفاظ على الأمن العام، منع التجمعات و المظاهرات و منع وقوع الجرائم و توقيف الأشخاص الذين يشكلون خطرا على الأمن و تنظيم المرور و إزالة العوائق من الطريق العام...
2- الصحة العامة : و يراد بها إتخاذ السلطة العمومية الإجراءات اللازمة لوقاية المجتمع من أخطر الأمراض المعدية و الأوبئة الفتاكة أيا كان مصدرها حيواني إنساني أو طبيعي، و يتضمن ذلك تنقية المياه الشروب من الجراثيم و مراقبة مدى سلامة أنابيب نقل المياه و تنظيم المجاري العامة لصرف المياه بعيدا عن التجمعات السكنية، كما يتضمن هذا العنصر مراقبة مخازن المواد الإستهلاكية و المطاعم و المقاهي و الأكشاك العمومية و منع تنقل الحيوانات المريضة و قتل الكلاب المكلوبة و جمع القطط المتشردة.
3- السكينة العامة : و يقصد بها الهدوء العام و منع مظاهر الإزعاج و المضايقات التي تتجاوز الحد المعقول من الضجيج في المجتمع إذ من حق الأفراد التمتع ببعض الهدوء في الطريق العام و الأماكن العمومية و ألا يكونوا عرضة للضجيج و الضوضاء و القلق. بحيث تتدخل السلطات العمومية للقضاء على مصادر هذا الإزعاج خصوصا في الليل، سواء بإستخدام مكبرات الأصوات أو بالشجار أو برفع أصوات المحركات أو غيرها .
4- الآداب العامة : و يقصد بها المحافظة على الأخلاق العامة و الآداب العامة و العادت و التقاليد المتعارف عليها في بلد معيّن، و منع التعدي على الشرف و الإخلال بالحياء و المس بشعور المواطنين الداخلية، كما في حال منع عرض فيلم خليع أو منع كتاب الآيات الشيطانية لسليمان رشدي في بلد إسلامي، و هكذا.
أنواع الضبط الإداري و حدوده :
1- أنواعه :
1- الضبط العام :
يأخذ الضبط الإداري مفهوم الضبط العام، و يعني المحافظة على النظام العام بمدلولاته الأربعة -الأمن العام، الصحة العامة، السكينة العامة و الآداب العامة.
2- الضبط الخاص :
قد يأخذ الضبط الإداري مفهوم الضبط الخاص، و يعنى بالمحافظة على بعض الأنشطة و المواقع و حمايتها من التدهور أو الإعتداء عليها، كحماية المناطق الأثرية أو المقابر أو الشواطئ و كتنظيم الصيد و غيرها، فالضبط الخاص لا يعتني بالنظام العام و إنما يعتني بالنظام الخاص لنشاط أو مجال من مجالات النشاط في المجتمع.
* سلطات الضبط الإداري :
سلطات الضبط الإداري نوعان : سلطات ضبط عام و سلطات ضبط خاص.
أما سلطات الضبط العام، فتتمثل في رئيس الجمهورية و الوالي و رئيس المجلس الشعبي البلدي، و قد يكفل القانون سلطات أخرى بأن يعطيها إختصاصا بحفظ النظام العام في البلاد.
و أما سلطات الضبط الخاص، فتتعدد بتعدد المجالات التي تتواجد بها، فقد تسند هذه المهمة لوزير من الوزراء أو لمدير عام أو لغيرهما، كما قد تسند إلى صاحب سلطة ضبطية عامة، مثل رئيس المجلس الشعبي البلدي الذي يملك صفة الضبطية الإدارية العامة، و في نفس الوقت يملك صفة الضبطية الخاصة، في مجال ضبط المقابر و الدفن و غيرهما، و لكن على السلطة التي تتجمع لديها السلطات ألا تخلط بينهما، فتستعمل إحداها بدل الأخرى، فذلك غير مقبول قانونا إذ على صاحب السلطة المزدوجة أن يستعمل كل سلطة في مجالها و ليس أكثر.
2- حدود ممارسة الضبط الإداري :
يعيق الضبط الإداري ممارسة الحريات العامة و يمس بحقوق المواطنين و من هذه الناحية يعتبر الضبط الإداري خطيرا على الأفراد في المجتمع، و لهذا فإن الضبط الإداري يتسع و يضيق حسب الظروف التي يمر بها.
أ- في الظروف العادية :
تضيق قواعد الضبط الإداري كثيرا في ظروف السلم و يتشدد القاضي في رقابته لها، و ذلك لما لهذه القواعد الضبطية من مساس بحريات الأفراد (لا يحق للإدارة مثلا منع المواطنين من ممارسة حقهم في التجمع أو تكوين جمعيات أو حتى التظاهر في الإطار المحدد قانونا-
ب- أما في الظروف غير العادية :
كظروف الحرب فتتسع قواعد الضبط الإداري على حساب الحريات العامة و تضيق هذه الأخيرة إلى أبعد الحدود حيث تعلن حالة الطوارئ و تعطى للإدارة كل الوسائل التي تمكنها من تسيير المجتمع، و ينحصر بالتالي دور القاضي كثيرا في مراقبة القواعد الضبطية و نشاطات الإدارة.
(راجع المواد 91 و ما يليها من الدستور).
للنشاط الإداري مظاهر يظهر فيها تختلف عن الوسائل التي تستعملها الإدارة لتحقيق نشاطها، و تتمثل هذه المظاهر في مظهرين أساسيين :
1- الضبط الإداري
2- المرفق العام
الضبط الإداري
مفهوم الضبط
1- تعريف الضبط من الناحية القانونية :
الضبط لغة عبارة مستمدة من كلمة ضبط يضبط ضبطا، بمعنى لزمه و قهره و قوي عليه و حبسه، فالضبط لغة حبس الشيء، و يقابل هذه الكلمة بالفرنسية كلمة POLICE التي تعني ما لانَ و إستكان، و ما لانت آدابه و أخلاقه و هي مستمدة من كلمة poli أو policé ، و قد ترجم المشرع الجزائري هذه العبارة بكلمة شرطة، و الشرطة لغة مستمدة من كلمة "شرَط" بفتح الراء، أي علّم أو وضع علامة على الشيء. و قد ابتكرت الشرطة في العصر العباسي حين أسست الدولة آنذاك هيئة، كلفت بحفظ الأمن في الأسواق و الأماكن العمومية و منع التزوير و سرقة الميزان و غيرها من الأنشطة التي تحفظ المواطن في أمنه و صحته و سكينته. و كان رجالها في بداية عهدهم يحملون شارات أو علامات في ذراعهم يميّزهم عن المواطنين العاديين فكانوا شرطة بسبب هذه العلامة المميزة. ثم و بعد أن تطورت الدولة صار هؤلاء الرجال، يحملون لباسا أو بدلات خاصة بهم، و كان يطلق عليهم أيضا تعبير الضابط أو الضبطية.
و نلاحظ أن التسمية التي استعملها المشرع الجزائري للدلالة على الضبط الإداري و هي عبارة الشرطة، تسمية لا وجود لها إلا في دول المغرب العربي أما دول المشرق و منها مصر على الخصوص، فالعبارة المستعملة هناك عي عبارة الضبط، و نحن نميل إليها أكثر لأنها أكثر دقة.
2- الضبط من الناحية القانونية :
للضبط من الناحية القانونية عدة معان، منها الضبط التشريعي، الضبط القضائي و الضبط الإداري.
أما الضبط التشريعي : فيراد به مجموع القواعد القانونية العامة و الملزمة التي ينظم بها المشرع سلوك الأفراد في المجتمع، و يمنع بها حدوث الفوضى فيه خصوصا في المجالات التي تعمل فيها على الحد من نطاق مباشرة بعض الحريات الفردية و الحفاظ على النظام العام في معناه الواسع و من هنا يكون القانون أو التشريع مصدر من مصادر الضبط فالتشريع ضبط و لكنه ضبط يصدر عن السلطة التشريعية، و هو يهدف إلى حماية المجتمع بوقايته من الفوضى.
أما الضبط القضائي : فيراد به مجموع الإجراءات و التحريات التي تتخذها السلطة الضبطية القضائية في التحري عن الجرائم و المخالفات، بعد حدوثها و القبض على المجرمين المتسببين فيها، فالضبط القضائي تحت إشراف سلطة الضبطية القضائية (القضاة و وكلاء الجمهورية) تتمثل مهمتهم في التدخل بعد وقوع الجريمة لوقف المجرمين و إحالتهم على العدالة مع تقديم الدليل الذي يؤكد إدانتهم قصد محاكمتهم و توقيع العقاب عليهم.
و من ثم يكون هدف الضبط القضائي علاجي زجري و ليس وقائي كما هو الحال بالنسبة للضبط التشريعي و الضبط الإداري.
أما الضبط الإداري : و هو يشكل موضوع دراستنا، فهو عبارة عن عمل تقوم به الإدارة عن طريق الأوامر التي تصدرها للمواطنين للقيام بأعمال أو الإمتناع عن القيام بأعمال، قصد تنظيم المجتمع و حمايته من الأضرار التي تنجم عن المساس بالنظام العام. فالضبط الإداري عمل علاجي وقائي من الفوضى التي قد تحدث في مجالات الأمن أو الصحة أو السكينة أو الآداب العامة و يمكن تعريف الضبط الإداري من زاويتين العضوية و المادية.
التعريف بالضبط الإداري
1- خصائصه و أهدافه :
للضبط الإداري مدلولين: عضوي و مادي.
ينصرف المفهوم العضوي للضبط الإداري إلى دراسة الهيئات التي تتكفل بعملية الضبط الإداري مثل رئيس الجمهورية و الوالي و رئيس البلدية.
أما المفهوم المادي فينصرف إلى النشاط الذي تمارسه هذه الجهات و غيرها في ضبط أمور البلاد من الناحية الإدارية كالحفاظ على النظام العام و الصحة العامة و السكينة العامة.
أهم خصائص الضبط الإداري :
يتمتع الضبط الإداري بمجموعة من الخصائص التي تميزه عن غيره، أهمها :
1- الضبط الإداري نشاط تباشره الإدارة أي السلطة التنفيذية، و لا تمارسه جهات أخرى تشريعية كانت أو قضائية أو غيرها.
2- هدفه وقائي يرمي إلى المحافظة على النظام العام و الآداب العامة.
3- يصدر الضبط الإداري في شكل قرار إنفرادي لا يخضع للمساومة و لا للإتفاق.
4- تتمتع الإدارة في هذا النوع من النشاط بسلطة تقديرية واسعة.
5- إن مجال الضبط الإداري محدود بتحقيق النظام العام و لا يتجاوزه.
6- إن الضبط الإداري خطير على الحريات العامة لأنه قيد يرد عليها.
مثال يبين الفرق بين أنواع الضبط :
هناك قانون خاص بالصيد أصدره البرلمان عام 1982 تحت رقم : 82/10 يضبط فيه قواعد الصيد و يمنع الإستغلال المفرط لصيد الحيوانات و الطيور هذا النص يشكل ضبطا تشريعيا لأنه صدر عن البرلمان بهدف حماية مجال معيّن من الإندثار و تنظم نشاط معيّن هو نشاط الصيد، فالصيد المفرط للحيوانات أو الطيور قد يؤدي إلى إنقراض أنواع معيّنة منها و بالتالي فقدان ثروة وطنية لا تقدر بالمال، و لذلك قد يتخذ والي من ولاة الجنوب على ضوء هذا القانون مثلا قرار يمنع فيه صيد الغزال المهدد بالإنقراض، فيعتبر هذا القرار بمثابة قرار ضبطي إداري وقائي يرمي إلى حماية هذا الحيوان من الإنقراض، أما إذا تعدى بالرغم من ذلك أحد الصيادين على هذا القرار بقتل أو صيد الغزال، فإن ذلك يعتبر خرقا للقانون و الإجراء الضبطي الذي إتخذه الوالي و من ثم توجب على أعوان الضبط القضائي القبض على هذا الصياد و إحالته على العدالة.
* أهداف الضبط الإداري :
يهدف الضبط الإداري إلى تحقيق حماية المجتمع من المساس بالنظام العام، و يقوم النظام العام على أربعة عناصر هي :
1- الأمن العام : و المقصود به هو العمل على إستتباب الأمن و النظام في المدن و القرى و الأحياء و التجمعات السكنية المختلفة بما يحقق الإطمئنان لدى الجمهور على أنفسهم و أعراضهم و أموالهم من كل خطر أو إعتداء قد يكونون عرضة له سواء بفعل الإنسان، مثل الإعتداءات المسلحة لعصابات الإجرام المختلفة، أو عدم إحترام قواعد المرور، أو بفعل الطبيعة كالزلزال و الفيضانات و غيرها، و من أهم مظاهر الحفاظ على الأمن العام، منع التجمعات و المظاهرات و منع وقوع الجرائم و توقيف الأشخاص الذين يشكلون خطرا على الأمن و تنظيم المرور و إزالة العوائق من الطريق العام...
2- الصحة العامة : و يراد بها إتخاذ السلطة العمومية الإجراءات اللازمة لوقاية المجتمع من أخطر الأمراض المعدية و الأوبئة الفتاكة أيا كان مصدرها حيواني إنساني أو طبيعي، و يتضمن ذلك تنقية المياه الشروب من الجراثيم و مراقبة مدى سلامة أنابيب نقل المياه و تنظيم المجاري العامة لصرف المياه بعيدا عن التجمعات السكنية، كما يتضمن هذا العنصر مراقبة مخازن المواد الإستهلاكية و المطاعم و المقاهي و الأكشاك العمومية و منع تنقل الحيوانات المريضة و قتل الكلاب المكلوبة و جمع القطط المتشردة.
3- السكينة العامة : و يقصد بها الهدوء العام و منع مظاهر الإزعاج و المضايقات التي تتجاوز الحد المعقول من الضجيج في المجتمع إذ من حق الأفراد التمتع ببعض الهدوء في الطريق العام و الأماكن العمومية و ألا يكونوا عرضة للضجيج و الضوضاء و القلق. بحيث تتدخل السلطات العمومية للقضاء على مصادر هذا الإزعاج خصوصا في الليل، سواء بإستخدام مكبرات الأصوات أو بالشجار أو برفع أصوات المحركات أو غيرها .
4- الآداب العامة : و يقصد بها المحافظة على الأخلاق العامة و الآداب العامة و العادت و التقاليد المتعارف عليها في بلد معيّن، و منع التعدي على الشرف و الإخلال بالحياء و المس بشعور المواطنين الداخلية، كما في حال منع عرض فيلم خليع أو منع كتاب الآيات الشيطانية لسليمان رشدي في بلد إسلامي، و هكذا.
أنواع الضبط الإداري و حدوده :
1- أنواعه :
1- الضبط العام :
يأخذ الضبط الإداري مفهوم الضبط العام، و يعني المحافظة على النظام العام بمدلولاته الأربعة -الأمن العام، الصحة العامة، السكينة العامة و الآداب العامة.
2- الضبط الخاص :
قد يأخذ الضبط الإداري مفهوم الضبط الخاص، و يعنى بالمحافظة على بعض الأنشطة و المواقع و حمايتها من التدهور أو الإعتداء عليها، كحماية المناطق الأثرية أو المقابر أو الشواطئ و كتنظيم الصيد و غيرها، فالضبط الخاص لا يعتني بالنظام العام و إنما يعتني بالنظام الخاص لنشاط أو مجال من مجالات النشاط في المجتمع.
* سلطات الضبط الإداري :
سلطات الضبط الإداري نوعان : سلطات ضبط عام و سلطات ضبط خاص.
أما سلطات الضبط العام، فتتمثل في رئيس الجمهورية و الوالي و رئيس المجلس الشعبي البلدي، و قد يكفل القانون سلطات أخرى بأن يعطيها إختصاصا بحفظ النظام العام في البلاد.
و أما سلطات الضبط الخاص، فتتعدد بتعدد المجالات التي تتواجد بها، فقد تسند هذه المهمة لوزير من الوزراء أو لمدير عام أو لغيرهما، كما قد تسند إلى صاحب سلطة ضبطية عامة، مثل رئيس المجلس الشعبي البلدي الذي يملك صفة الضبطية الإدارية العامة، و في نفس الوقت يملك صفة الضبطية الخاصة، في مجال ضبط المقابر و الدفن و غيرهما، و لكن على السلطة التي تتجمع لديها السلطات ألا تخلط بينهما، فتستعمل إحداها بدل الأخرى، فذلك غير مقبول قانونا إذ على صاحب السلطة المزدوجة أن يستعمل كل سلطة في مجالها و ليس أكثر.
2- حدود ممارسة الضبط الإداري :
يعيق الضبط الإداري ممارسة الحريات العامة و يمس بحقوق المواطنين و من هذه الناحية يعتبر الضبط الإداري خطيرا على الأفراد في المجتمع، و لهذا فإن الضبط الإداري يتسع و يضيق حسب الظروف التي يمر بها.
أ- في الظروف العادية :
تضيق قواعد الضبط الإداري كثيرا في ظروف السلم و يتشدد القاضي في رقابته لها، و ذلك لما لهذه القواعد الضبطية من مساس بحريات الأفراد (لا يحق للإدارة مثلا منع المواطنين من ممارسة حقهم في التجمع أو تكوين جمعيات أو حتى التظاهر في الإطار المحدد قانونا-
ب- أما في الظروف غير العادية :
كظروف الحرب فتتسع قواعد الضبط الإداري على حساب الحريات العامة و تضيق هذه الأخيرة إلى أبعد الحدود حيث تعلن حالة الطوارئ و تعطى للإدارة كل الوسائل التي تمكنها من تسيير المجتمع، و ينحصر بالتالي دور القاضي كثيرا في مراقبة القواعد الضبطية و نشاطات الإدارة.
(راجع المواد 91 و ما يليها من الدستور).