وقف تنفيذ القرارات الإدارية
وقف تنفيذ القرارات الإدارية
الأستاذ: محمد رياض محام بهيئة مراكش أستاذ القانون الإداري بكلية الحقوق
تلجأ الإدارة لمزاولة نشاطها على الوجه الأكمل إلى عدة أساليب تتضمن قواعد غير مألوفة في مجال القانون الخاص، ومن هذه الأساليب القرارات الإدارية.
والقرار الإداري عمل قانوني يصدر عن الإدارة بما لها من سلطة عامة ويحدث مركزا قانونيا جديدا أو يؤثر في مركز قانوني سابق.
وتتمتع الإدارة بسلطة استثنائية في تنفيذ قراراتها تنفيذا مباشرا، وفي استعمال القوة العمومية لإتمام هذا التنفيذ دون اللجوء مقدما إلى القضاء ويستتبع ذلك التزام الأفراد باحترام هذه القرارات والعمل على تنفيذها، وإلا تعرضوا للجزاء الذي يقرره القانون لمخالفي هذه القرارات استنادا إلى القوة التنفيذية للقرار الإداري.
وفي مقابل هذا الامتياز المخول للإدارة، أعطى المشرع في أغلب الدول الحق للأفراد في اللجوء إلى القضاء من أجل إلغاء تلك القرارات متى شابها عيب من العيوب تجعلها غير مشروعة، ولكن الطعن بالإلغاء لا يؤدي بقوة القانون إلى وقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه، لذا اتجهت معظم التشريعات المعاصرة إلى تقرير دعوى وقف التنفيذ.
ودعوى وقف التنفيذ دعوى متفرغة من دعوى الإلغاء لتجاوز السلطة الهدف منها إيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه بالإلغاء إلى حين البث في جوهر النزاع، وهي دعوى استثنائية في مقابل، ما تتمتع به الإدارة من امتيازات في تنفيذ قراراتها استنادا إلى قاعدة الامتياز السابق Le privilège du préalable .
ونظرا لأهمية هذه الدعوى وما تمثله من ضمانة لحقوق وحريات الأفراد في مواجهة الإدارة، فإننا نعرض لها من خلال النقط التالية:
أولا: السند القانوني لدعوى وقف تنفيذ القرار الإداري.
ثانيا: شروط وقف تنفيذ القرار الإداري.
ثالثا: آثار الحكم الصادر بوقف تنفيذ القرار الإداري.
أولا: السند القانوني لدعوى وقف تنفيذ القرار الإداري.
نص المشرع المغربي في القانون المحدث للمحاكم الإدارية رقم 90/41 في الفصل 24 على ما يلي:
"للمحكمة الإدارية أن تأمر بصورة استثنائية بوقف تنفيذ قرار إداري رفع إليها طلب يهدف إلى إلغائه إذا التمس ذلك منها طالب الإلغاء صراحة"[1].
كما نص في الفصل 361 من قانون المسطرة المدنية في الفقرة الأخيرة منه على ما يلي:
"يمكن علاوة على ذلك للمجلس بطلب صريح من رافع الدعوى وبصفة استثنائية أن يأمر بإيقاف تنفيذ القرارات والأحكام الصادرة في القضايا الإدارية ومقررات السلطات الإدارية التي وقع ضدها طلب الإلغاء".
يستنتج من هذين الفصلين أن المشرع المغربي أسند الاختصاص بشأن وقف تنفيذ القرارات الإدارية لكل من المحاكم الإدارية والمجلس الأعلى، وهو أمر طبيعي نتيجة لتوزيع الاختصاص بينهما للبث في طلبات الإلغاء الموجهة ضد القرارات الإدارية للشطط في استعمال السلطة والمنصوص عليه في الفصل الثامن من القانون المحدث للمحاكم الإدارية. إذ ينص الفصل الأخير على اختصاص هذه المحاكم بالبث ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة مع مراعاة ما يقرره الفصل التاسع من نفس القانون والذي يعطي الاختصاص للمجلس الأعلى بالبث ابتدائيا وانتهائيا في طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة والمتعلقة بالمقررات التنظيمية والفردية الصادرة عن الوزير الأول وقرارات السلطات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية.
ثانيا: شروط وقف تنفيذ القرارات الإدارية.
لم ينص المشرع المغربي في قانون المحاكم الإدارية أو في قانون المسطرة المدنية إلا على شرطين لقبول طلب وقف تنفيذ القرارات الإدارية وهما: أن يقترن الطلب بدعوى إلغاء القرار المطلوب وقف تنفيذه وأن يطلب رافع دعوى الإلغاء ذلك صراحة، إ أن الفقه والقضاء الإداريان أوردا شروطا شكلية وأخرى موضوعية لرفع دعوى وقف تنفيذ القرارات مع ما يترتب على الإخلال بأحدها من عدم قبول اطلب شكلا أو رفضه موضوعا حسب نوع الإخلال، ونعرض للشرط الشكلية والموضوعية وفق ما استقر عليه الاجتهاد الفقهي والقضائي [2] في الفقرتين التاليين:
الفقرة الأولى: الشروط الشكلية.
بالإضافة إلى الشروط الشكلية الواجب توافرها في رافع أي دعوى، وهي الصفة والأهلية والمصلحة تطبيقا للفصل الأول من قانون المسطرة المدنية يتعين على رافع دعوى وقف تنفيذ القرار الإداري احترام شكليات معينة يترتب على عدم مراعاتها عدم قبول دعواه شكلا وهي: أن تسبق الطلب دعوى إلغاء في القرار المطلوب وقف تنفيذه من جهة وان يكتسي القرار المطلوب وقف تنفيذه طابعا تنفيذيا ألا يكون القرار المطلوب وقف تنفيذه قد تم تنفيذه فعلا، ونعرض لهذه الشروط على التوالي:
الشرط الأول: تقديم دعوى الإلغاء قبل طلب الإيقاف.
ويتمثل هذا الشرط المنصوص عليه بالفصلين 24 من قانون المحاكم الإدارية و361 من قانون المسطرة المدنية في وجوب اقتران طلب وقف التنفيذ بطلب إلغاء لتجاوز السلطة في القرار المطلوب وقف تنفيذه، وباستقراء الفصلين المذكورين نرى أن المشرع المغربي لم يشترط تقديم الطلب بصفة مستقلة على الطلب الأصلي بالإلغاء
أو مقترنا به خلافا لما ذهب إليه المشرع المصري الذي اشترط إبداء الطلب في صحيفة الطعن بالإلغاء بنصه في الفصل 49 من قانون مجلس الدولة الصادر سنة 1972على:" لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه، على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها".
أما المشرع الفرنسي فد أوجب تقديم وقف تنفيذ القرارات الإدارية بمقال مستقل عن طلب الإلغاء بمقتضى الفصل 97 من مرسوم 28 نونبر 1969 المعدل لمرسوم 28 نونبر 1954 المتعلق بالمحاكم الإدارية.